السبت، 11 يوليو 2009

عسكرى الدورية..وهيبة الحكومة


لا أعرف تحديدا ما هو التاريخ الذى الغت فيه وزارة الداخلية المصرية ما يسمى "بعسكرى الدورية" ، لكن ما أعرفه حقا هو أن هذا التاريخ كان تاريخ نهاية هيبة الحكومة فى الشارع المصرى .



فمنذ أن أختفى عسكرى الدورية أصبحت الجريمة فى الشارع من أسهل وايسر طرق الجريمة فى مصر ..فمن الشائع الأن أن تجد من تصرخ لأن هناك من سرق قرطا من أذنها أو سلسلة من رقبتها فى منتصف الطريق ثم فر هاربا دون أى مضايقة. كذلك فقد أصبح من المعتاد فى الشوارع الضيقة والحارات والأماكن الشعبية انتشار تجارة المخدرات بجميع أنواعها ، فعلى ناصية كل شارع تجد شابا يوقفك ليعرض عليك شراء قطعة من الحشيش "الجامد" وكأنه يعرض عليك قطعة شيكولاتة.



ولو أننا نزلنا القاهرة أو الجيزة لوجدنا ما يثبت هذا الكلام فى شوارع ( شبرا- العمرانية - الف مسكن- الأميرية...الخ) وغيرها من أحى مصر الشعبية والمكتظة بالسكان.


ولعل عدم استغلال وزارة الداخلية اليوم للعسكرى كما كان يحدث بالأمس هو السبب الأساسى لتدهور العسكرى المصرى شكلا وموضوعا : ففى الماضى كان العسكرى يتميز بالزى المهندم المتناسق أما اليوم فشكل العسكرى بملابسه المتسخة على الدوام والمتهدلة عليه وكأنه يرتدى بدلة شخص أخر لا تشجع أحدا على أحترامه ناهيك عن الخوف منه أو هيبته..فبعد أن كان عسكرى الدورية قديما يعاقب لو كان أحد أزرار بدلته الميرى غير مربوط أو مطفى (لا يلمع) أصبح الأن العسكرى رمزا للبهدلة والهربدة والشكل المضحك( يمكنك أن تراجع صورة العسكرى المصرى فى السينما المصرية فى الأربعينات والخمسينيات وشكله بدءا من الثمانينيات من القرن العشرين لكتشف الفرق).


أما من حيث الموضوع فقد تدهور العسكرى المصرى أيما تدهور..عقلية ساذجة يضرب بها المثل فى الغباء..لا مبالاة ( يرى الجريمة ترتكب أمامه ولا يحرك ساكنا)..قليل الحيلة فى أى موقف يصرخ فى الناس قائلا" يا أخونا حد يطلب البوليس " هذا طبعا باعتبار أنه كعسكرى ليس من ضمن البوليس. كذلك فهو كسول ومتخاذل.. تجده دائما نائما فى محل حراسته أو جالسا يشرب الشاى أو يستمع للراديو الترانزيستور الذى لا يفارقه منذ أن نزعت منه وزارة الداخلية سلاحه الميرى.


لكننى لا ألوم هذا الجيل من عساكر الشرطة بل أوجه اللوم لوزارة الداخلية التى لم تكتف بقتل الطموح فى نفوس العساكر حين الغت نظام الترقية والذى كان يجعل العسكرى ينهى حياته المهنية كصول..بل أنها أخذت تنفق جل ميزانياتها فى شراء الأجهزة والسيارات الحديثة وبناء المبانى الفخمة الضخمة لمديريات الأمن فى كافة محافظات الجمهورية ظنا منها أن ذلك سيحقق لها الهيبة المنشودة فى نفوس الشعب تاركة نظاما فعالا فى كل بلدان العالم وهو نظام عسكرى الدورية ..واليوم يمكن لأى أنثى مثلا أن تتعرض لعملية أغتصاب فى أى شارع مظلم جانبى دون أن يشعر بها أحد..وهو ما كان من الصعب أن يحدث فى الماضى حيث صرخة واحدة كافية لأفزاع الجناة وأحضار أقرب عسكرى دورية لمكان المستغيثة.


أن عودة هيبة الحكومة مرتبطة بعودة نظام عسكرى الدورية..فهو يتناسب مع شوارعنا الضيقة المظلمة فىالغالب أما سياراة النجدة أو مايطلق عليها الموطنون " الأتارى" فلا تصلح وحدها لسد الفراغ الذى تركه عسكرى الدورية ومن لا يصدق فليرجع الى كمية حوادث الشوارع التى باتت تنشرها الجرائد اليومية ليتأكد أننا أصبح لدينا أمنا لكن ليس لدينا أمان.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق