الاثنين، 9 نوفمبر 2009

فن الكوميديا..وأزمة الجوائز



تعد الكوميديا من أرقى فنون الأداء التمثيلى..ومن أكثرها شعبية وجماهيرية.فالكوميديان يعمل على توصيل فكرة أو قيمة جادة ومهمة فى صورة ساخرة وهزلية تضحك المتفرج وتعلمه فى نفس الوقت ..وهو ما جعل الكوميديا من أصعب طرق الأداء الصامت أو الناطق ،ولهذا لا يصلح كل ممثل لأداء هذا النوع من الفن ..فهو يحتاج الى موهبة عظيمة ودراية كبيرة وخبرة واسعة ..فأى خطأ فى اداء الممثل قد يجعله ينزلق الى الأسفاف أو التهتك والسوقية
وعلى الرغم من ذلك نجد الفن الكوميدى لا يلقى التقدير الواجب كما يحدث للفن التراجيدى..حتى فى مجال منح الجوائز الدولية فى مهرجانات السينما والمسرح..فعلى الرغم من الأعتراف الشفهى بأهمية وقيمة الفن الكوميدى الا أن الواقع العملى يظهر عدم ميل الناقدين للفن الى تقدير من يعملون بهذا الحقل بالشكل الواجب.وهو ما يثير حالة من الأحباط فى نفس الفنان الكوميديان الذى يدرك أن دورا واحدا تراجيديا ينظر له باجلال وتقدير يغنى عن تراث كامل من الاداء الكوميدى الراقى الذى سيلقى قطعا اجحافا ونكرا من كل الجهات النقدية.لهذا نرى ندرة اليوم فى من يقبلون على صنع الكوميديا الحقيقية ولم يعد يعمل فى هذا المجال الى بقايا الأكابر وحشد من الأراذل ممن يشوهون صورة الفنان الكوميدى ويختصرونها الى مجرد بلياتشو..أو أراجوز مهمته الأضحاك فقط ولعل التجاهل الذى قوبل به فنان الكوميديا الأول شارلى شابلن والذى لم يحصل سوى على جائزة أوسكار تكريمية وأخرى على موسيقى أحد أفلامه ولم يحصل على جائزة واحدة عن التمثيل خير مثال لعملية التجاهل تلك..وتكرر نفس الأمر مع الثنائى لوريل وهاردى اللذان لم يحصلا على جائزة واحدة عن أى من أفلامهما
واذا كان هذا فى الماضى ففى الحاضر لم يتغير شىء فلا يزال الكل يتذكر كيف تجاهلت الأكاديمية الأمريكية لكتاب ونقاد السينما منح الممثل جيم كارى جائزة الأوسكار عن دوره المميز فى فيلم ترومان شو ليس لشىء سوى أن الدور فيه كثير من الكوميديا
أما عندنا فى مصر فنحن نكرم ممثلو الكوميديا لكن لا نمنحهم جوائز على ادائهم التمثيلى..وهذا ما حدث مع كبار رجال الكوميديا ونسائها فى السينما العربية ومن يراجع تاريخ ممثلين مثل اسماعيل يسين ونجيب الريحانى ومارى منيب سيتأكد من هذه الحقيقة المرة
ولعل عدم وجود التقدير الأدبى اللازم نحو الفن الكوميدى هو ما جعل الفنان العربى اليوم يتجه نحو الاداء التراجيدى ولا يمارس الفن الكوميدى الا بحثا عن المال وسرعة الانتشار وهو ما ولد لدينا تيارا من الأفلام المضحكة والمسفة فى نفس الوقت