السبت، 20 فبراير 2010

سلوى حجازى..مذيعة من الزمن الجميل

اليوم 21 فبراير تحل علينا الذكرى 37 لوفاة المذيعة والشاعرة المصرية سلوى حجازى. وأنا أكتب الأن عنها تملؤنى مشاعر متداخلة من الفرحة والحزن والأعجاب .. فأنا لم أكن من متابعى برامجها ، فقد رحلت عن دنيانا قبل أن اولد انا ..الا أننى رأيت لها بعض اجزاء من تلك البرامج واصبحت من معجبيها.. فسلوى -رحمها الله - كانت قادرة على شد انتباه المتابعين لها من أول جملة تنطقها فاسلوبها الهادئ ، ولغتها الفصيحة ، ونبرتها الشاعرية تجعلك تشعر وكأن كل كلامها شعرا..وكل حواراتها قصائد.

"ولدت سلوى حجازي في مدينة القاهرة في 1 يناير 1933، وتخرجت من مدرسة الليسيه فرانسيه الفرنسية. وكانت من أوائل الخريجين في المعهد العالي للنقد الفني. كما صدر لها ديوان شعر بالفرنسية ترجم إلى العربية هو "ضوء وظلال" (بالفرنسية: Ombres et clarté) وكان الشاعر كامل الشناوي من كتب مقدمته. قدمت عددا من البرامج الشهيرة آنذاك منها "شريط تسجيل"، "العالم يغني"، "المجلة الفنية" و"عصافير الجنة" (برنامج للأطفال حاز شهرة واسعة)."(*)

وقد حصلت سلوى حجازى على جوائز عديدة رغم صغر سنها ، ولعل ابرزها تلك التى حصلت عليه فى الشعر عام 64 و65 من فرنسا..كما حصلت على وسام العمل من الدرجة الثانية من الرئيس الراحل محمد أنور السادات وذلك عقب وفاتها فى حادث الطائرة الليبية الشهير فى 21 فبراير عام 1973.

ولعل مقارنة صغيرة بين سلوى حجازى ومذيعات اليوم تعطينا فكرة جيدة عن عظمة هذة المذيعة ومدى ثقافتها فى مقابل ضحالة ثقافة نظيراتها اليوم وركاكة لغتهن وتكلفهن فى الاهتمام بمظهرهن أملا منهم فى أن يخفى جوانب القصور العديدة فى ادائهن الاعلامى.
رحم الله سلوى حجازى..تلك الذكرى الجميلة من زمن  - كلما نظرنا الى واقعنا - تحصرنا عليه.
----------------------------------------

(*) نقلا عن موسوعة ويكيبيديا 

الاثنين، 15 فبراير 2010

المواطنة فى مصر

يقول الفيلسوف اليونانى القديم " أرسطو " : ( أن تكون مواطنا.. أى أن تتحلى بصفتى الطاعة والامرة) أى أن تحكم (بفتح التاء) وأن تحكم (بضم التاء) فى نفس الوقت. لكن ما يحدث فى مصر هو نصف ما سبق ؛ فالمواطن هنا يحكم (بضم الياء) فقط ، فأنت تلتزم بواجباتك ومسؤولياتك كمواطن:  فتدفع الضرائب والتى تمثل المورد المالى الأول لمصر ( وذلك عكس ما يعتقد البعض من ان قناة السويس مثلا أو السياحة هما المصدر الأول ) كما أنك تؤدى الخدمة العسكرية..و تلتزم بالقانون فى معاملاتك وخصوماتك مع باقى المواطنين ..الخ. لكنك لا تشارك فى انتخابات نزيهة..وبتالى لا يصبح لصوتك قيمة كمواطن ولا تحكم.. كما أنك لا تعمل معاملة المواطن لا من رجال الشرطة ولا حتى من موظفى الحكومة..بل أن الأجنبى القادم من خارج الحدود له من الحقوق أكثر مما لك.
لهذا لا اتعجب حينما اقابل العديد من المتعلمين وخريجى الجامعات ممن لم يسمعوا عن شىء اسمه المواطنة..ولا يعرفون كنهها أو جدواها  ، ولا الومهم فنحن لا نهتم فى مناهجنا الدراسية باعداد ابنائنا ليكونوا مواطنى الغد :فلا ندرس الدستور فى مدارسنا كما تفعل الدول الديمقراطية ، ولا نسهل للراغبين فى ممارسة العمل السياسى أن يمارسوه اثناء فترة دراستهم الجامعية، أما حكومتنا الغراء فهى تستخدم المواطنة للدعاية للحزب الحاكم مع كل انتخابات ..بل أن الحزب الحاكم نفسه قد استخدمها مرة كشعار لأحد مؤتمراته التى تقام سنويا.أما على المستوى الشعبى أو الجماهيرى فكلمة المواطنة اما يحتفى بها لأسباب دينية ، أو يشن عليها هجوما ضاريا لنفس الاسباب ؛ فالمسيحيون والبهائيون يطالبون بتفعيل حقوق المواطنة وذلك بغرض الحصول على بعض الحقوق التى يشعرون أنهم محرومون منها فى بلدهم وأول هذه الحقوق ما يتعلق منها بالمسائل الدينية..أما المواطنة فى نظر المسلمين فهى  فى الأغلب منبوذة كما كانت الديمقراطية من قبل ..والسبب كونها قادمة من الغرب ، والمثل الشعبى يقول ( ما ياتى من الغرب ..لا يسر القلب) ، كما أن البعض يعتقد أن المواطنة كمبدأ انما يتعارض مع مفهوم الأمة الاسلامى ، لهذا أصبح نقد مفهوم المواطنة من قبل التيارات الدينية الاسلامية المختلفة أمرا اعتياديا، وقد حدث أن رأيت  أنا شخصيا  خطيبا  بأحد الزوايا التابعة للأخوان المسلمين  يتكلم عن المواطنة وحاول أن يعرفها لجموع المصلين يوم الجمعة..فقال : ( هل تعرفون ما المواطنة؟... أنها تعنى أن يختلط المسلم بغير المسلم ..حتى لا نعرف المسلم من غير المسلم ) واجتهد الخطيب فى تركيب عدد من النغمات الصوتية الموحية بالسوء وهو يقول هذا التعريف حتى يصل للمصلى البسيط أن المواطنة ما هى الا رجس من عمل الشيطان . وقد تذكرت لحظتها كيف استطاع مرشح لانتخابات البرلمان قبل الثورة أن يفوز على استاذ الجيل" أحمد بيه لطفى السيد " بأن اوهم الناخبين فى الدائرة ان كلمة الديمقراطية التى يرددها لطفى السيد ما هى الا الكفر والعياذ بالله..وأقول ما أشبه اليوم بالبارحة.
والحقيقة أن الأمل فى ان يصبح للمواطنة الحقة وجود فى مصر ضعيف جدا اذا ما بقى الحال على ما هو عليه..فالمنظومة السياسية فى مصر عليلة تحتاج الى علاج طويل ، فلا يمكن أن نتكلم عن حقوق المواطنة السياسية والاجتماعية والمدنية  فى ظل تعددية سياسية اسمية ، ونظام انتخابى غير نزيه ، ومجموعة من الأحزاب فقدت الأمل والهدف الوحيد الذى انشأت من أجله وهو الوصول الى سدة الحكم ، وشعبية مزيفة لحزب واحد يدخله الكثيرون بحثا عن مصالحهم الشخصية فقط..وسيتركوه قطعا اذا افترضنا أنه فقد السلطة فى يوم ما.
ان الحل يبدأ بتهيئة الظروف الصحية دستوريا وقانونيا للتغيير والتطوير ، على أن تكون النية للأصلاح متوفرة حتى لا نجد أنفسنا نفصل قوانين وبنود دستورية لأشخاص بعينهم ونبحث عن الشكل الديمقراطى أكثر من المضمون. وعندما ننجح فى صنع ذلك ستكون المواطنة هى النتيجة الطبيعية لهذه المنظومة الجديدة، بل أن المواطنة هى التى ستعطيها معناها.. يقول مارك توين : ان المواطنة هى التى تصنع  النظام الجمهوري ، أما النظم الملكية  فهى ليست فى حاجة اليها.