السبت، 17 مايو 2008

جمال الفلسفة






ماذا تعرف عن الفلسفة؟

سؤال بسيط ،أو يبدو هكذا للوهلة الأولى.لكن الحقيقة غير متتصور.
أن معظم معلوماتك عن الفلسفة -سواء درستها بالمدرسة أم لا- ستكون فى الغالب خاطئة ؛ فدراسة الفلسفة فقط تمكنك من تعرف كنهها وتذوق جمالها،ومعرفة صحيحها من سقيمها (و هو ما لا يتاح لطالب الفلسفة بالمدرسة للأسف) .وبوصفى واحدا ممن شاء لهم قدرهم الحلو ان ادرس الفلسفة فساحاول فى السطور التالية أن ابين لك بعض مواطن الجمال فى الفلسفة،وفائدة التفلسف الذى يعتقد الكثيرون أنه مثال لتضيع الوقت والتنطع وهو ابعد ما يكون عن ذلك ..واقرأ للتأكد


يقول الدكتور أمام عبد الفتاح أمام فى بداية تعريفه للفلسفة أنها تختلف عن باقى العلوم المعروف من حيث أنك لو اردت أن تكون عالم فى التاريخ مثلا فقرأتك الطويلة فى التاريخ تكفل لك أن تكون مؤرخا،أما الفلسفة فلا يكفى أن تكون ملما بتاريخ المذاهب الفلسفية حتى تصبح فيلسوفا،بل يجب أن يكون لك رأيا واتجاها ويكون رأيك هذا مصاغا فى شكل منظم يجعل منه مذهبا.


وعموما لا غنى هنا عن ذكر المعلومات الأساسية عن الفلسفة، وأهمها طبعا معنى كلمة فلسفة أو (philosophy): وهى كلمة لاتينية تنقسم لجزئين" فيلو" ،و" صوفيا" ومعناها حب الحكمة .وكما ترى فهى تسمية قاصرة لا تعبر عن المضمون الحقيقى للفلسفة وانما تعبر بالاحرى عن الفكرة الأغريقية القديمة التى كانت تنادى بالحكمة والتفلسف من أجل الحكمة والتفلسف؛ أى ان الفلسفة وقتها كانت تدرس من اجل الفلسفة وليس لغرض اخر.

الفلسفة والدين





يعد موضوع علاقة الفلسفة بالدين من أكثر الموضوعات أثارة للجدل ،بل لا نبالغ اذا قلنا أن السبب الجوهرى لسوء سمعة الفلسفة وسط العامة من الناس هو ظنهم أن الفلسفة -بشكل ما -عدو للدين ،وهذا ما سنحاول ان نبين خطأه.

أن مقولة أن الفلسفة ما هى الا نوعا من المحرمات مصدرها فى الواقع قديم من زمن الامام أبو حامد الغزالى الشهير بحجة الأسلام فقد الف كتابا سماه "تهافت الفلاسفة" كفر فيه الفلاسفة بسبب كلامهم عن ثلاث مسائل وفسقهم فى مسائل أخرى مما اساء لسمعة الفلسفة وسط الناس فى العالم الاسلامى،غير أن الامام قاضى القضاة فى مدينة قرطبة الفيلسوف ابن رشد قد الف هو الأخر كتابا عنوانه "تهافت التهافت" ليرد على كتاب الغزالى وليبين له خطأ حكمه على الفلسفة ،كما الف كتابا اخر يثبت ان مقاصد الد
ين والفلسفة واحدة فى الواقع وهو كتاب "فصل المقال فى ما بين الشريعة والحكمة من اتصال".
واتذكر هنا مقولة الفيلسوف المعاصر" ليو شتراوس" التى قال فيها ان الفلسفة عليها دائما أن تعيش فى خطر ممن يتهددون وجودها وهم المجتمع من ناحية، ومن ينافسونها فى تقديم الحكمة من ناحية أخرى ومنهم الدين طبعا .فالناس توارثوا مجموعة من العادات والقيم والتقاليد والتى أصبحوا يفعلونها من باب التعود ويسلمون بصحتها دون تدقيق ،وهنا يظهر الفيلسوف كصداع فى رأس المجتمع لأنه يرفض أن يسلم بما يسلم به مجتمعه دون أن يخضعه للعقل والمنطق ،فيعتبره الناس خطرا عليهم ويبدأوا فى محاربته . لهذا يقول شتراوس أن الفلسفة فى اوقات كثيرة كانت عملا سريا يمارس الفلاسفة من اجله التقية، ويغلفون افكارهم بأغطية مقبولة اجتماعية ،أو يكتمون هوياتهم حتى يأمنوا التنكيل بهم.ولعل ابرز مثال لهذه الصورة وضع افلاطون افكاره على لسان سقراط، ومحاولة أخوان الصفا فى الفلسفة العربية.
حقيقة الفلسفة
و الواقع ان الفلسفة لا تشكل خطرا على المجتمع المتدين ،على العكس فهى تساعد على التأمل والبحث، وحب الحقيقة. وكلها أشياء أمرنا الله بها .غير أن الفلسفة تحتاج ممن يشرفون على تدريسها أن يوضحوا للدارسين لها أن الفلسفة لا يوجد بها طوطمات وأفكار مقدسة ،أو افكار لا يمكن نقدها و ضحضها مهما بلغت مكانة قا ئلها ،فكل فكر مساو لغيره من الأفكار لا يعلو عليها الا بمدى قدرته على الصمود أمام النقد .وانما تتولد الفلسفة الجديدة بهذه الصورة "نقد للقديم ..يؤدى لظهور فكر جديد".وهكذا لا يمكن أن نأخذ رأيا من الاراء الفلسفية لاحد الفلاسفة مثلا ونقول انه يعبر عن الفلسفة ..وانما نقول انه يعبر عن رأي من يقوله ، ورأى من يرى صحة رأيه فقط .
موت الفلسفة
كثر الكلام خلال النصف الثانى من القرن العشرين عن موت الفلسفة .والسؤال الأن هل حقا ماتت الفلسفة؟
الواقع أن الفلسفة -فى رأى - لا تموت؛ فهى تفكير مستمر فى كل ما يمر بحياتنا ،أو يستجد عليها .أن من رأوا أن الفلسفة قد ماتت انما بنوا رأيهم هذا على اساس ان الفلسفة هى نقيض للعلم وان القرن العشرين هو عصر العلم، وعليه فلم يعد بنا حاجة للفلسفة اليوم .والحقيقة ان الفلسفة هى الأساس والمصدر لكل تفكير عقلى نقوم به ؛لهذا فهى لن تنتهى وتموت الا لو مات التفكير أو اختفت العقول المفكرة.وليس ادل على هذا من أن الفلسفة كلما ظهر مجال جديد فى تاريخ البشرية الا وظهر له من يدرسه ويحلله ويؤسس له مناهجه ومبادئه من أهل الفلسفة.أن الفلسفة بصورة ما هى العقل، ولن تموت مادامت تلك النعمة التى فضلنا الله بها عن باقى المخلوقات باقية وموجودة.