الثلاثاء، 16 نوفمبر 2010

ماذا لو غضبت علينا الصين؟

وجدت هذا السؤال يقفز الى رأسى فجأة..ماذا لو غضبت علينا الصين؟ لأى سبب.. ودون مقدمات وقررت الحكومة الصينية وقف توريد جميع أنواع البضائع الى مصر؟
اعتقد أن تصور مثل هذا الحدث يثير فى النفس رعبا شديدا..فمعظم المواد المتداولة فى الأسواق المصرية من صنع الصين بدءا بالسيارات وحتى الأقلام الرصاص.والذى يثير فى النفس مزيدا من الرعب هو أننا نزداد اعتمادا على دولة الصين الصديقة ومنتجاتها يوما بعد يوم..فبعد أن كان أجمالى واردات مصر من الصين 2 مليار دولار عام 2006 تحتل بها مصر المركز الثالث - بعد جنوب افريقياو نيجيريا - كأكبر مستورد للمنتجات الصينية فى افريقيا، أصبحنا نستورد من الصين بما قيمته 4 مليار و 100 مليون عام 2009، بالأضافة الى أن الصين هى الدولة رقم واحد فى الاستثمار فى مصر.
ولعل الشعور العام للمواطن المصرى يؤيد هذه الأرقام ، فقد أصبحت المنتجات الصينية هى الأكثر تداولا فى مصر لنخفاض اسعارها بالمقارنة بالمنتجات اليابانية والألمانية وطبعا الأمريكية والفرنسية..وهو ما جعل معظم محدودى الدخل من المصريين - وما أكثرهم - يعتمدون على تلك المنتجات حتى بات تصور الحياة بدون الصين أمرا مستحيلا: فلا يمكن لمعظم المصريين أن يتحملوا أسعار الأجهزة الكهربائية الكورية واليابانية ( التلفزيون الصينى ثمنه 500 جنيه بينما نظيره الكورى 2000 جنيه) ولا أسعار السيارات الأ لمانية أو الملابس الأمريكية..بل أقول أن انسحاب الصين من السوق المصرى ستجعل المواطن المصرى عاجزا حتى عن تعليم أطفاله فمعظم الأدوات الهندسية  والحقائب المدرسية ومستلزمات الدراسة تنتج فى الصين.
كذلك فان معظم الخدمات التى يستفيد منها المواطن المصرى تقوم على الات ومعدات وقطع غيار صينية الصنع مما يجعل استبدالها بأخرى أعلى ثمنا ضغطا على المواطن المصرى حيث ستزداد أسعار تلك الخدمات بالضرورة.
كذلك فان سهولة استيراد وقلة أسعار المنتجات الصينية قد شجع الكثير من المستوردين المصريين على استيراد الكثير من المنتجات بعضها لا حاجة حقيقية له وهى ما وصفتها الصحافة المصرية بالمنتجات الاستفزازية..فوفقا لما قاله اللواء محمد البناء رئيس الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات فان مصر تستورد من الصين منتجات الألبان كاملة الدسم وزبدة طبيعي مملحة واللحوم المجمدة والأسماك ومنتجات الألبان وشعر خنزير طبيعي ونباتات زينة والخضر والفاكهة والتوابل ومنتجات الحبوب والبذور والزيوت والشحوم والتونة والسكر والكاكاو والمشروبات وتبغ وسجائر ومنتجات كيماوية عضوية وأسمدة وزيوت عطرية ومستحضرات تجميل وكيك وأرز ومقرمشات وفول سوداني. هذا طبعا بالأضافة الى فانوس رمضان الذى نستورده ب 11 مليون جنيه سنويا من الصين.
وأعود الأن للسؤال الذى أثار رعبى.. ماذا لو غضبت علينا الصين وحرمتنا من كل هذه المنتجات؟ 
الحقيقة ..أنا لا أريد أن أعرف الأجابة فهى واضحة لمن يعقل ويفهم.

الخميس، 21 أكتوبر 2010

الشرطة وخدمة الشعب

أعرف ويعرف الكثيرون من الشعب المصرى أن جهاز الشرطة فى مصر قد طرأت عليه تغيرات كثيرة فى العقود الثلاثة الماضية..تلك التغيرات التى تراها وزارة الداخلية تطور وتحسن فى الأداء ونراها نحن المواطنون تقهقر وتراجع فى الأداء..ولعل تخلى الشرطة عن شعارها الشهير عن خدمة الشعب ابرز دليل على تحول وتغير الفكر الشرطى فى مصر من خدمة وراحة وسلامة المواطن الى مجرد صنع حالة من الهدؤ والانضباط فقط..لهذا لا عجب أن مصر قد أصبحت بلدا بها كثير من الأمن و قليل من الأمان.
اتذكر دائما الفيلم الرائع " حياة أو موت" الذى كان يتكلم عن رجل بسيط يرسل ابنته لتحضر له زجاجة دواء يتضح للصيدلى الذى صنع الدواء انه قد أخطأ فى صنع التركيبة مما حول الدواء الى سم قاتل وهو ما يدفعه الى طلب النجدة من رجال الشرطة الذين يجاهدون طوال الفيلم للبحث عن المدعو أحمد ابراهيم القاطن بدير النحاس لكى يحذروه من شرب الدواء السام.
كلما رأيت هذا الفيلم الشهير اتخيل ماذا لو كان أحمد ابراهيم يعيش اليوم..هل كانت وزارة الداخلية ستنتفض كما حدث فى الفيلم حتى ان حكمدار بوليس العاصمة - مدير أمن القاهرة ومساعد وزير الداخلية الأن - قد تحرك بنفسه لبيت المواطن..هل كان التعامل مع حياة مواطن عادى ليس قريبا لاحد مهم او صديقا لمسؤل كبير كانت ستكون بنفس الشكل ..الأجابة بالقطع لا..كان أحمد ابراهيم سيتحول الى المرحوم أحمد ابراهيم ..وكان سيقابل موته بلامبالاة تامة..وأقصى ما سيحصل عليه احمد ابراهيم هو سطرين فى جريدة أو فقرة فى برنامج حوارى ليلى من برامج التوك شو الشهيرة..بل أجدنى اتجيل مسؤول بوزارة الداخلية يبرر تجاهل الوزارة بأن الشرطة لم تعد فى خدمة الشعب ..يعنى كل واحد يخدم نفسه.
نحن الشعب الوحيد فى العالم الذى يخشى دخول أقسام الشرطة بل ويتفاخر المواطن فيه بأنه لم يدخل قسم شرطة فى حياته.. فصورة الضابط الذى يسعى لتحقيق الأمن حتى ولو على  حساب كرامة بعض المواطنين أصبحت مصدر رعب لكل مواطن غير مسنود..فكونك حاملا لمؤهل دبلوم صنايع..أو تعمل بوظيفة غير كبيرة - حرفى مثلا - أو تسكن منطقة شعبية كفيل بأن يبرر لأى ضابط أن يخاطبك بلهجة جارحة مستفزة ولابأس ببعض الشتائم طالما انك من المواطنين غير الخطرين ..وتعريف المواطن الخطر عند ضابط الشرطة هو ذلك الذى يستطيع بمكالمة تلفونية واحدة أن ينقله من القاهرة لمغاغة.
اتمنى أن أرى اليوم الذى لا يخشى فيه المواطن غير المسنود ضابط الشرطة ولا يخشى ضابط الشرطة المواطن المسنود ..بل يخشى كل منهم القانون.

الأربعاء، 6 أكتوبر 2010

عظمة حرب أكتوبر

أن عظمة حرب أكتوبر لاتوصف..فما حققه الجيش المصرى يعد معجزة عسكرية بكل معنى الكلمة؛ فقد تغلبنا على جيش هو أقوى منا بمراحل من حيث العدة والعتاد والتحصينات العسكرية..وكل شىء.. حتى أن ذكر احتمالية حرب المصريين من جديد ضد اسرائيل أمام أى محلل عسكرى وقتها كان كفيلا بأن يجعله يضحك ملء شدقيه..فالمهمة كانت مستحيلة ، لكن لا مستحيل أمام هذا الشعب النبيل.
وحرب أكتوبر لمن لا يعلم - قد امتلأت بالأرقام القياسية.. واليكم بعضها:
* أعلى كثافة نارية منذ الحرب العالمية الثانية .. فقد قذفت مصر الضفة الشرقية للقناة خلال 52 دقيقة  فقط بكل الذخيرة المعدة لألفى 2000 مدفع على أمتداد القناة حتى بات من المستحيل على أى جندى اسرائيلى أن يرفع رأسه من أى خندق ويعد هذا القذف هو اضخم حشد نيراني شهدته الحروب … ونفذ بقوة اعتبارا من الساعة الثانية وخمسة دقائق بعد ظهر يوم 6 أكتوبر وقد وصل معدل الضرب في هذا التمهيد النيراني في الدقيقة الأولى إلى حوالي 10.500 دانه بمعدل 175 دانه في الثانية الواحدة .
* تم فى خلال نصف ساعة فقط تحطيم أقوى خط عسكرى فى التاريخ " خط بارليف"  والذى قال عنه جميع المحللين العسكريين أنه لا يمكن تخطيه أبدا.وذلك عن طريق طلعات جوية بعدد 220 طائرة دمرت 95% من أهدافها المقررة.
* تم تجاوز الساتر الترابى المنيع والذى تبلغ درجة علوه ما يقترب من 90 درجة مئوية و اقتحام الموجة الأولى لقناة السويس في الساعة الثانية وخمسة دقائق بعد ظهر يوم 6 أكتوبر بقوة 8000 مقاتل من خلال 1600 قارب وفى سباق رهيب مع الزمن وليصبح إجمالي عدد المقاتلين في الشرق 80.000 مقاتل مصري بنهاية يوم 6 أكتوبر .
*أكبر معركة بالدبابات منذ الحرب العالمية الثانية تسببت فى خسائر مهولة فى قطاع الدبابات فى الجيش الأسرائيلى فخلال أعمال قتال اليوم الأول دمرت قواتنا اكثر من 200 دبابة إسرائيلية وقتلة وأسرت وحاصرت أكثر من 1500 جندي وضابط إسرائيلي و  لأول مرة في تاريخ حروب الدبابات يتم تدمير 150 دبابة في مدة لا تزيد عن 20 دقيقة مع اسر معظم أطقمها من المقاتلين الإسرائيليين يوم الاثنين 8 أكتوبر على شريحة محدودة من مسرح العمليات بالقطاع الأوسط .
* قامت الولايات المتحدة الأمريكية بمد جسر من التعزيزات العسكرية بين واشنطن واسرائيل هو الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية بحيث ظلت مصر تحارب اسرائيل والولايات المتحدة 13 يوما متصلة قبل وقف اطلاق النار.
* استطاع الجندى المصرى أن يثبت للعالم كفاءته فى القتال حيث عبرت قوات المشاة الساعة الثانية والنصف الى الضفة الشرقية لتواجه الدبابات الأسرائلية والاسلحة الثقيلة بالاسلحة الخفيفة ومدافع  "أر بى جاى" فقط حتى عبور أول دبابة مصرية فى تمام الساعة الثامنة مساءا ..الأمر الذى كان كفيلا بافساد الحرب كلها لكن الجندى المصرى لم يصمد فقط لكنه صنع بطولات فالرقيب أول محمد عبد العاطى دمر وحده 23 دبابة اسرائيلة بسلاح" الأر بى جاى" الخاص به، كذلك الجندى محمد المصرى صاحب الرقم القياسى الذى دمر 27 دبابة اسرائلية وحده كما أنه هو الذى أسر اللواء عساف ياجورى قائد اللواء190 مدرع الشهير وتعد حرب أكتوبر 73 هي أول حرب (بعد معارك الاستنزاف) تتكبد فيها إسرائيل خسائر فادحة في الأرواح إذا بلغت خسائرها 2522 قتيل بخلاف الأسرى والجرحى والمفقودين وتتمثل ضخامة هذه الخسائر فيما لو قورنت بتعدادها البشري المحدود . 
* ساهم سلاح الدفاع الجوى مساهمة عظيم فى مواجهة اقوى سلاح طيارن فى العالم كما كانت تروج اسرائيل بعد حرب 67 فقد تمكنت مصر وقواتها المسلحة من إنشاء أول واضخم حائط صواريخ دفاع جوي في منظومة دقيقة لم تشهدها الحروب السابقة والذي تمكن من لوى ذراع إسرائيل الطويلة واسقط لها في اليوم الأول للقتال عدد 38 طائرة يقودها اكفأ طياريها وقد أدى ذلك لان يصدر قائد القوات الجوية الإسرائيلية أوامره يوم 8 أكتوبر بعدم اقتراب الطائرات لأقل من 15 كم شرق القناة .
تحية تقدير  للقادة العظام الذين خططوا للحرب بدهاء جعل زمامة المبادرة فى أيدينا لأول مرة..
محمد أنور السادات القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الجمهورية
المشير أحمد اسماعيل على  القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع
الفريق أول سعد الدين الشاذلى قائد قيادة أركان حرب الجيش المصرى
المشير عبد الغنى الجمسى  قائد العمليات والمشرف على خطة الحرب
بالأضافة الى قادة الأفرع الرئيسية... وقبل كل هؤلاء
تحية للجندى المصرى الذى ضحى من أجل أن نعيش اليوم مرفوعى الرأس أمام العالم.



الخميس، 9 سبتمبر 2010

بين التاء المربوطة والهاء المربوطة


بدأ يحدث ما كنت أخشاه .. 
الحالة المتردية للتعليم المجانى فى مصر، الذى يرتاده السواد الأعظم من طلاب هذا البلد كانت تنذر منذ مدة ليست بالقصيرة بأن الأجيال الجديد سيكون أفرادها من أنصاف المتعلمين..أى أنصاف الجهلاء..وقد ظهر هذا جليا فى العديد من المجالات المتخصصة ثم بدأ يظهر أيضا فى المعارف العامة من تدنى فى مستوى اللغة الأجنبية ومبادئ الرياضيات والهندسة بشكل جعل الجهل شبه الكامل بجدول الضرب، أو عدم القدرة على كتابة كلمات بسيطة بلغة أجنبية، أو حتى عدم القدرة على التفرقة بين شكل المعين وشكل الشبه منحرف هى  القاعدة السائدة والإلمام بكل ذلك هو الاستثناء.
غير أن الطامة الكبرى قد بدأت تظهر مؤخرًا فى الجهل المطبق بالقواعد البسيطة  للغة العربية، حتى بات الشاب المتخرج حديثا من أى جامعة حكومية أو خاصة لا يمكنه كتابة سطر واحد دون أن يرتكب خطايا فى النحو والصرف والإملاء.. 
وما يُخجل فى هذا الأمر أنه قد بدأ يظهر على السطح ويشيع بشكل فاحش، فبعد أن التحق هولاء الخريجون بسوق العمل الإعلامى بدأت تنهال علينا إعلانات الصحف والقنوات التلفزيونية ومواقع الانترنت بحشد كبير من الإعلانات المكتظة بالأخطاء البشعة. وقد لاحظت أن أبرز تلك الأخطاء هو عدم قدرة من يكتب ما يظهر على الشاشة على التفرقة بين التاء المربوطة والهاء المربوطة، و بالرغم من أن كل منهما حرف مختلف: فهذه تاء وتلك هاء..إلا أن إخواننا "المتعلمين" يستعملون كل منهما كمرادفة للأخرى، يجوز في مذهبهم أن تحل محلها.. فلا تتعجب لو رأيت من يكتب كلمة " جنيه" هكذا " جنية" ليحولها الى معنًى آخر (عفريتة) أو من يكتب لفظ الجلالة "الله" بهذا الشكل " اللة". 
والحقيقة أن الفرق بين الحرفين يعرفه كل من حصل قدرًا معقولاً من التعليم السليم:
• التاء المربوطة :
هي التاء التي تلفظ هاءً عند الوقف وتاء عند الوصل . ولابد من وضع نقطتين فوقها .
مواضعها :
1- كل جمع تكسير لا ينتهي مفرده بتاء مفتوحة .
مثـل : هداة ومفردها هادِ
صيادلة ومفردها صيدلي
2- في أواخر الأعلام المفردة المؤنثة غير الثلاثية , وهذا علامة على أنها ممنوعة من الصرف .
مثل : خديجة , فاطمة , سميرة , صفية .
3- تأتي للتفرقة بين المذكر والمؤنث .
مثل : امرؤ امرأة
مدرس مدرسة
جميل جميلة
4- للمبالغة في المدح والذم وغالبًا ما تطلق للتذكير .
مثل : علامة , رحالة , دجالة .
5- في أواخر بعض الأعلام المذكرة .
مثل : حمزة , معاوية , طلحة , أسامة .
6- في آخر بعض الكلمات التي لا مذكر لها ؛ نحو : قرية , غرفة .
قال تعالى "واسأل القرية التي كنا فيها"
7- أن تكون عوضًا عن حرف محذوف .
مثل : ثقة , فأصلها وثق، فَحُذفت الواو وعوضت بالتاء ,
ومثلها : صلة ,جدة , صفة .
8- في آخر الجمع الذي وزنه فُعالة وفُعولة لتأكيد التأنيث نحو قول تعالى :
" كأنها جمالةٌ صفر "
أما حرف الهاء المربوطة فتعريفها كالتالى:
• الهـاء المربوطة :
هي التي تنطق عند الوقف والوصل هاء وليس عليها نقطتان , وتكتب ـه . مثال :
كتابه , قلمه , صديقه , فقه , فقيه , رأيناه , تعلمناه .
مواضعها :
1. هاء الضمير , و يكون ضمير للغائب فَ يتصل بالفعل والاسم والحرف . مثلًا
في الأفعال علمه الحق , وأفهمه المسألة .
و في الحرف , له , عنه , به , منه .
2. أن تكون الهاء من أصل الكلمة وجزءًا منها . مثل :
فقه , الفقيه , السفيه .
وما يغيظ حقا أنك عند التعليق على مثل تلك الأخطاء الشائعة تتهم بالتزمت والتشدد ويرى الآخرون أنك تأتى عند الأمور التافهة وتتوقف!! .. فمن المفروض أن ترى لوحة بخط كبير فى أى مول تجارى مكتوبا عليها "مطلوب فتيات ذو خبرة" ولا تعلق بشىء..أو ترى أخر يكتب "لم يستطيع" دون أن يحذف الياء التى قبل العين الساكنة.. ولا تحرك ساكنا ..الخ، والرد الجاهز لك أن "البلد كلها كده..!"
أننى أرثى على زمن كان الطلاب بالمرحلة الإعدادية فيه يدرسون مجلدين بعنوان المنتخب من أدب العرب، ويحفظون أشهر قصائد الشعر، ويلفظون الظاء والثاء والذال وهم يخرجون ألسنتهم للخارج، ويعرفون الفرق بين اللام الشمسية واللام القمرية، وبين  التاء المربوطة والهاء المربوطة.

الأحد، 27 يونيو 2010

صحافة هذه الأيام

تملأنى حالة من الغضب والغيظ حين يقول أحد أمامى أن ما نقرأه هذه الأيام هى صحافة..والحقيقة غير ذلك ؛ فالصحافة الحقة تكاد تكون قد انقرضت فى مصر، وحل محلها صحافة أو كنافة ، سمها ما شئت..فأنا من واقع تجربة التحاقى بالعمل الصحفى فى مصر ..ومن واقع ما أقرأه يوميا فى مختلف الجرائد ..أرى أن الصحافة الحقة تتجه لمصيرها المحتوم وأن الوضع سيزداد سوءا خاصة وأن من يعملون بالصحافة لايزالون يدافعون عما يحدث وينكرون وجود انهيار شامل فى كل عناصر العمل الصحفى ويكتفون بالقاء اللوم على القلة القليلة المندسة والتى لا تعبر طبعا عن السواد الأعظم من صحف مصر.. وهو ما ينقلنا الى التأكيد على أن صحافة مصر بخير وستظل بخير ..حتى ينتهى بنا هذا الهراء الى أنه لايوجد أزمة من الأساس وأن كله تمام يا همام.
لكننا لو أمعنا النظر سندرك حجم الكارثة.. فالعمل الصحفى فى مصر هو المجال الوحيد الذى لا يوجد به وسيلة متاحة لممارسته..بمعنى أن حتى من يتخرجون من جامعات تدرس صحافة واعلام لا يضمنون - ولا حتى يعرفون - كيف يدخلون الى الوسط الصحفى . فقد كانت الصحافة فى المرحلة الاولى من تاريخها تأخذ الموهوبين من كل تخصص للعمل بها ، ثم فى الحقبة الناصرية أصبح الالتحاق بالصحافة بخطاب التعيين من القوى العاملة، ثم بعد ذلك بات دخول الصحافة بالواسطة وبالتعيين تحت التمرين حتى تثبت كفاءتك. أما اليوم فقد تكون موهوبا ومعك واسطة وتنتظر فقط فرصة حقيقية فلا تجد شيئا.فالصحافيين اصبحوا يهبطون على الجرائد من أعلى لا من أسفل واصبح أى شاب راغب فى العمل الصحفى مفروض  عليه أن يعمل بلا أى وثيقة تثبت علاقته بالجريدة ، وبلا راتب ثابت ، وبلا عضوية طبعا فى نقابة الصحفيين، فهذا لا يحصل عليه الا الصحفى الحقيقى أى الصحفى المعين فى جريدة..واليوم الصحف اصبحت لا تعين أحدا..واصبحنا نسمع كل يوم عن مجموعة من الصحافيين الغير معينين وهم يصرخون مطالبين بتعينهم ومنحم عضوية النقابة لانهم يعملون كصحفيين دون هوية لمدة 10 سنوات أو أكثر..وبعضهم يعين والبعض الاخر يأخذ بومبه. وفى نفس الوقت تجد رئيس مجلس ادارة أحدى المؤسسات الصحفية يعين الساعى الخاص به صحفيا أو السكرتيرة الخاصة بمكتبه صحفية..ولا حول ولا قوة الا بالله.
ولعل هذا التهريج فى تعيين شباب الصحفيين يظهر أثره السيىء فى طرق عمل الصحافة اليوم ..فقد أصبحنا فى زمن صحافة الفبركة والتدليس ، وأصبح من يأتى بمعلومة صحيحة صاحب انفراد  صحفى كبير.. وأصبح تعمد الكذب والفبركة مدرسة ولها اساتذة وتلاميذ ؛ فالصحفى يجلس على مكتبه يفبرك تصريحا عن فلان فيقول مثلا :" حسن شحاتة يعرب عن سعادته لشفاء بركات من الاصابة" وذلك فى الوقت الذى لم يقابل هذا الصحفى حسن شحاتة ولم يتحدث معه ولو مرة فى حياته. وهنا يصبح حسن شحاتة - الضحية - أمام اختيارين:  اما ان يقرأ الخبر المزيف ويصمت وينجو الصحفى المفبركاتى بفعلته ، أو أن يخرج ليعلن أنه لم يدلى بهذا التصريح ،ووقتها يكون قد أعطى هذا المفبركاتى فرصة ذهبية لكى يعيد ويزيد فى نفس الموضوع ويكتب فيه لمدة اسبوع او اسبوعين ، حيث يضع الصحفى المفبركاتى عنوانا اخر يقول : " حسن شحاتة : أنا لم اقل اننى سعيد بشفاء بركات من الاصابة" ثم يذهب الى بركات ويقول له هل رأيت ما قاله الكابتن حسن شحاتة وما هو ردك..وبذلك يأخذ تصريح اخر من بركات ..وهكذا  يشغل الناس بقصة مختلقة .هذه هى مدرسة الفبركة الصحفية اليوم
أن ما يحدث فى الصحافة اليوم كارثة ..فالصراع المحموم على الاخبار والانفرادات الصحفية، وعدم تعيين الصحفيين ، والرواتب الهزيلة بعد التعيين قد افرز لنا نموذج "صحفى الشنطة "الذى لا يشعر بانتماء لا الى جريدته ولا الى نقابته ولا حتى الى مهنته..أنه ينتمى فقط الى مصلحته المادية..يتكسب من أى طريق صحفى.. شريف او غير شريف لا يهم .. ,واصبحت الصحافة تعنى أى كلام يملأ صفحات الجريدة بغض النظر ان كان صادقا او كاذبا أى  كما قال الكاتب البريطانى هنرى فيلدينج :
A newspaper consists of just the same number of words, whether there be any news in it or not.





السبت، 5 يونيو 2010

لماذا أنتحر هذا الشاب؟

أن ينتحر شاب فى مصر أمر ليس بالجديد..لكن الجديد حقا أن يفعل ذلك على كوبرى قصر النيل..على الملأ..أنها سابقة لا مثيل لها فى مصر ..كما أن لها من المعانى والدلالات ما لا يخفى على أى عقل مفكر. فعلماء النفس يقولون أن أكثر ما يشغل تفكير المنتحر هى صورته أمام الناس حين يعثرون على جثته ، لهذا يحرص معظم المنتحريين على أن يراهم الناس فى صورة طيبة بعد موتهم ..ولعل هذا ما جعل الكثيرين يشكون مثلا فى حادثة انتحار " مارلين مونرو" لأنها وجدت عارية فى سريرها. فلو طبقنا هذا الكلام على هذا الشاب المنتحر سنجد أنه تعمد أن ينتحر على الكوبرى بدلا من أن يفعل ذلك فى غرفته مثلا..أنه يريد أن يوجع ضمائرنا ..أن هذا المشهد المؤلم له وهو معلق على الكوبرى هو صرخة ألم ممتدة من هنا وحتى العالم الاخر..أنه  لم يترك رسالة لحبيبته فقط وأنما ترك رسالتين واحدة لها والأخرى لنا..أنه يريد أن يقول أنا الشاب المصرى الذى لا يملك نفقات الزواج ..أنا أموت لأن هناك مسؤولين فى هذا البلد يريدوننى أن أموت..لا عمل لائق ..رواتب هزيلة ..تعليم لا ينفع ولا يغنى من جوع.. أسعار تعلو كل يوم حتى ناطحت السحاب..وكرامة مهدرة فى كل لجنة أو طريق أو هيئة حكومية..
لماذا نطلب منه الأن أن يعيش ..ولماذا لا ننظر للموضوع الا من زاوية واحدة( أن الانتحار حرام) ..هذا شاب فى مقتبل حياته ازهق روحه بيده..لابد وأنه قد وصل الى أقصى مراتب اليأس..فلنحمد الله أنه لم يفجر نفسه فى سوق أو محطة مترو. فحين يضيع الأمل فى الحياة يصبح الموت هو الراحة الوحيدة ..اتذكر قول احدهم عن الانتحار
“To make yourself something less than you can be - that too is a form of suicide”
أى " أن تجعل نفسك أقل مما تستطيع أن تكون..هذا أيضا نوع من الانتحار" والحقيقة أن كل ما حول الانسان اليوم فى بلدنا يحط من شأنه ويسحقه معنويا.. لم يعد فى مقدرة الفرد اليوم أن يجعل نفسه فى المكانة التى يستحقها ولا حتى قريبا منها .. واصبحنا نرى أننا بلا قيمة كبشر ، حتى أن الكلمة الاكثر شيوعا فى مصر اليوم هى " أن البنى ادم  ارخص حاجة ف البلدى"و " كل حاجة بتغلى الا البنى ادم..بيرخص"
عرفتم لماذا انتحر هذا الشاب

السبت، 15 مايو 2010

كيف كان الحبيب الهادى يحب



أن الناظر لسيرة محمد صلى الله عليه وسلم..يجد عبر وتعاليم لو طاف الارض ما جمعها كلها من مكان واحد ولا فى سيرة رجل واحد غيره..علمنا كيف نعبد الله وكيف نغضب وكيف نفرح وكيف نصالح وكيف نخاصم وكيف نكره كما علمنا كيف نحب.
ولعل تلك الرابطة الخاصة التى كانت تربطه بزوجته العزيزة على قلبه "عائشة بنت أبى بكر الصديق" رضى الله عنهما فيها من اللمحات العاطفية الدافئة ما يعلم كل زوج وزوجة اليوم كيف يتعاملان مع بعضهما البعض.
فصلى الله عليه وسلم لم يكن يخجل من أن يصرح بحبه كما كان يصنع البعض : يقول صلى الله عليه وسلم عن خديجة "أنى رزقت حُبها .. ولم يكن يعتبر الحب ضعف ونقيصة كما كان يعتقد عدد كبير من العرب وقتها..بل كان يعبر عن حبه لزوجه كلما سنحت الفرصة وبصور مختلفة ( قولا وفعلا)
انظروا اليه وهو يقول لعائشة "إني لأعلم إذا كنت عني راضية ، و إذا كنت علي غضبى ، أما إذا كنت عني راضية ، فإنك " تقولين : لا و رب محمد ، و إذا كنت علي غضبى قلت : لا و رب إبراهيم " أنه يشعرها أنه يحس بكل تفصيلها حتى كلامها وهى غاضبة وكلامها وهى راضية.وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يجرح احساسها فى أى وقت ففى الوقت الذى كان الرجال يأنفن من النساء وقت الحيض ويبتعدن عنهن كان صلى الله عليه وسلم يزيد فى حنانه ويظهر حبه أكثر
تقول عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجري وأنا حائض.ولم يكن أحدا أصبر على نسائه من الرسول حتى فى وقت الخصام والخلاف..حصل في يوم من الأيام في بيته خلاف عائلي بينه وبين عائشة كما يحدث بين الرجل وامرأته ولكن خلاف بسيط, فاستدعى الرسول صلى الله عليه وسلم والدها أبا بكر من أجل أن يحل المشكلة البسيطة, فلما جاء أبو بكر رضي الله عنه وأراد الرسول أن يتكلم -يعرض القضية- قامت عائشة بسرعة النساء وقالت: (أحلف عليك يا رسول الله ألا تقول إلا الحق, و أبو بكر بجانبها فلطمها وقال: أو يقول رسول الله غير الحق يا عدوة نفسها؟! -تحلفين عليه أنه لا يقول إلا الحق وهو لا يقول إلا الحق؟ هل يكذب صلى الله عليه وسلم؟- ولما لطمها قامت وذهبت وراء ظهر الرسول صلى الله عليه وسلم, تحتمي به من أبيها, فالرسول صلى الله عليه وسلم أوقفه وقال: ما دعوناك لهذا يا أبا بكر! -دعوناك تصلح لا تضارب- فقالت: لا تخبره يا رسول الله بالأمر..فلما خرج أبو بكر جعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول لها يترضاها ألا ترين انى قد حلت بين الرجل وبينك قال ثم جاء أبو بكر فاستأذن عليه فوجده يضاحكها قال فأذن له فدخل فقال له أبو بكر يا رسول الله أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما ).
ولم يكن رسول الله يفرق بين ازواجه فى هذه المعاملة الرقيقة..فمع السيدة صفية مثلا حدثت حادثة..كانت صفية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، وكان ذلك يومها، فأبطأت في المسير، فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى تبكي، وتقول حملتني على بعير بطيء، فجعل رسول الله يمسح بيديه عينيها، ويسكتها..."
وهكذا كان محمد الزوج مع كل زوجاته..فأين نحن من ذلك

الأحد، 18 أبريل 2010

الجنس..واستغلال المرأة


ان مسألة استغلال الرجل للمرأة هى واحدة من أكثر الحقائق التاريخية  صدقا على الاطلاق، فبامتداد التاريخ استغل الرجل المرأة بشتوى الصور والطرق..بشكل فردى أو حتى جماعى..برضائها أو دون رضائها. وقد كان الهدف الاساسى من استغلال الرجال للنساء هو المتعة الشخصية..بل أن الرجل لم يكتفى باستغلال المرأة فقط ، بل انه استطاع أن يرسخ فكرا عميقا يدافع عن هذا الاستغال ويبرره ،فلا عجب لو قرأنا قول الفيلسوف الفرنسى " جان جاك روسو" الذى قال فى كتابه الشهير "اميل " :" ان المرأة قد خلقت لمتعة الرجل"، فهو يرى أن وظيفتها فى الحياة أن تخدم الرجل وتمتعه وتسهر على راحته منذ مولده وحتى نهاية حياته ..هذه رسالتها الابدية ويجب أن تحرص على الوفاء بها.
والحقيقة أن روسو لم يكن الوحيد فى هذا الأتجاه ، وانما كان مجرد عازف اخر يعزف نفس النغمة، فقد سبقه الى ذلك الفيلسوف اليونانى الكبير أرسطو والذى كان يكن للمرأة احتقارا دفينا جعله يعتبرها اقل مرتبة من الرجل ..وانها لاتصلح للعمل السياسى..بل أنه قال صراحة عن الأنثى أنها عبارة عن " ذكر مشوه". أما افلاطون فهو الاخر تعامل مع المرأة فى مدينته الفاضلة على أنها قالب من الطوب ..ليس أدل على هذا من وضعه لنظام شيوعية النساء والذى لا يرضى فى الحقيقة الا الرجال وشهواتهم السريعة العابرة..وهو ما يناقض فى نفس الوقت نزعة المرأة نحو الحب والاستقرار..لكن أين افلاطون من هذه المشاعر.
ولك أن تتخيل اذا كان ذلك هو موقف الفلاسفة العقلاء فكيف هو موقف من هم دونهم رأيا وفكرا..فمسألة الحط من شأن المرأة  كانت تراثا عميق الجذور فى الحضارة الغربية والادلة على ذلك كثيرة:فقديما "اجتمع اللاهوتيون في مجمع ماكون ليبحثوا : هل المرأة جسد بحت أم جسد ذو روح ؟! وغلب على آرائهم أنها خِلْو من الروح الناجية ، ولا يستثنى من ذلك إلا مريم عليها السلام . وعقد الفرنسيون مؤتمرا سنة 586م للبحث في شأن المرأة : هل لها روح أم لا ؟ وإذا كانت لها روح هي روح حيوانية أم روح إنسانية ؟ وأخيرا قرروا أنها إنسان ! ولكنها خلقت لخدمة الرجل فحسب . وأصدر البرلمان الإنجليزي قرارا في عصر هنري الثامن يحظر على المرأة أن تقرأ العهد الجديد لأنها تعتبر نجسة . والقانون الإنجليزي حتى عام 1805 م كان يبيح للرجل أن يبيع زوجته ، وقد حدد ثمن الزوجة بستة بنسات ."(*) ولم يخلوا التراث الغربى كله من هذا الفكر المهين للمراة الا من بعض كتابات الشجعان من المفكرين والفلاسفة لعل ابرزهم الفيلسوف الانجليزى "جون ستيوارت ميل" والذى الف كتابا سماه "استعباد النساء"  فى منتصف القرن التاسع عشر.
حتى نحن المسلمون على الرغم من أن ديننا الحنيف قد ساوى بين الرجل والمرأة فى الحقوق والثواب ،الا أننا مارسنا- ولانزال نمارس - عملية استغلال واضحة للمرأة:فرغم محاربة الاسلام للرق ، توسع المسلمون فيه واصبحت البنات الحسان من أغلى البضائع المعروضة على الطرقات ولكل تسعيرتها : فهذه حبشية وتلك رومية وغيرها شركسية..وهكذا ، اما اليوم  فالمرأة فى بعض الاماكن تحرم من ميراثها الشراعى..أو تحرم من أختيار زوجها بنفسها لا بناء على أوامر الهية بل خضوعا لضغوط قبلية أو عرقية..كذلك لا تزال فكرة الحط من قدر المرأة والنظر اليها بنظرة دونية شائعة بين الرجال المسلمين سواء كانوا متعلمين أو بلا تعليم ..والافظع فى المسألة أننا نرجع تلك النظرة الدونية الى أصول دينية .


وقد استطاع الرجل أن يخطع المرأة له..ويجعلها وسيلة لمتعته وخادمة لرغباته لزمن طويل..ولعل أبشع واقدم صور استغلال المرأة- بل وأكثرها رواجا ونجاحا حتى الأن- هو الاستغلال الجنسى..أى النظر للمرأة على أنها مجرد جسد..انثى مليئة بالرغبات فقط. وقد تنوع استغلال الرجل للمرأة من هذا الجانب تنوعا كبيرا فى الشكل ، لكن يبقى المضمون والغاية واحدة لا تتغير..أنها متعة الرجل.
فقديما كان الرجل يستمتع بالمرأة فى صورة العاهرة أو الجارية..أما اليوم فقد أصبحت العاهرة نجمة أفلام البورنوpornostar وتحولت الجارية التى تعرض فى السوق الى متسابقة فى مسابقة ملكات جمال العالم..واستطاع الرجل - كما فعل من قبل- أن يصيغ عملية استغلاله للمرأة فى صيغة جديدة تعطى المرأة الأحساس بأنها تتعرى لترتقى لا لتنحط..تحصل على جوائز دولية أو تقديرات مادية وأدبية لأنها أمتعت الرجال بمواهبها.. والحقيقة غير ذلك ("فممثلة البورنو المحترفة تربح ما يقرب من 100 ألف دولار مقابل أن تؤدى 20 مشهداً فقط طيلة العام ، لكن هذا النظام لا يسرى إلا على أقل من 10 ممثلات شهيرات ، أما باقي الممثلات فعادة ما تتلقى الواحدة منهن أجراً يبلغ 1000 دولار للمشهد الواحد الذي يستغرق في الغالب ساعتين للتصوير أما الغالبية العظمى من ممثلات البورنو فعادة ما يربحن من 400 إلى 800 دولار في المشهد الواحد ، ويعملن ثلاث مرات أسبوعياً "(*).أما ممثلات الافلام الروائية المعروفات فالنجمة منهم قد تحصل على ما يقرب من 3 الى15 مليون دولار فى الفيلم الواحدويرتفع الرقم الى 20مليون دولار اذا ما حصلت على جائزة الاوسكار).. كذلك فقد تنوعت صور استغلال جسد المرأة لعل ابرزها اليوم جعل جسد المرأة هو اداة الترويج الأولى لأى سلعة فمثلا من عدة سنوات قامت شركة اتصالات امريكية متعسرة فى بيع كروت الشحن الخاصة بها فقامت بالتعاقد مع عارضة الأزياء الشهيرة " سيندى كرافورد " كى تضع تشكيلة مختلفة من صورة بالمايو ه على ظهر كل كارت شحن الأمر الذى رفع مبيعات الشركة لان الشباب باتوا يجمعون تلك الكروت ..أقصد الصور شبه العارية للعارضة الشهيرة. كذلك من الأمثلة الشهير والقريبة ما قامت به شركة الدعاية والاعلان  " نايت اجينسى" الامريكية عام 2005 من استغلال مؤخرات الفتيات الجميلات لتكون لوحات للدعية لاحد المطاعم فى نيويوك تحت مسمى " اس فرتايزينج" Assvertising الأمرالذى جعل من هذه الشركة واحدة من اشهر الشركات فى الولايات المتحدة
 أننا نستغل النساء لنشبع رغباتنا: نحن من نصنع الموضات العارية فى الملابس والمرأة هى التى تلبسها..نحن من ننتج الأفلام والفيديو كليب المليئة بالعرى والمرأة هى التى تتعرى..نحن من أعطينا المرأة حريتها المزعومة على جسدها كى نقنعها أنها تمارس الجنس لمتعتها هى..والحقيقة أنها تمارسه لمتعتنا نحن. ان الواقع يقول أن الرجل هو المنتج الأول للجنس فى العالم والمستهلك الاول له..أما المرأة فهى الأداة التى يستعملها الرجل ليحقق متعته.أن الرجل يصنع قوانينه ويحفظها للمرأة كى ترددها هى، أما المرأة فهى تريد أن تصدق حتى لا تكتشف أنها تستغل وأنها مجرد وقود لاشعال رغبة الرجل أو وسيلة لمتعته كما قال" روسو".
_____________________________________________
(*)فقرة مقتبسة

الثلاثاء، 6 أبريل 2010

العمل عبادة..أم استعباد

قديما قالوا أن العمل عبادة..أى أن الانسان الذى يعمل انما يحقق الغاية العليا التى انزل الله البشر الى الأرض من أجلها وهى أعمار الأرض وعبادة الله..فمن يعمل يعبد الله بشكل ما. لكن هذا كان صحيحا فى الماضى أما اليوم فالعمل تحول من "عبادة " الى "استعباد"..فالانسان اليوم فى بلدنا يعمل كما العبد مقابل اجر زهيد..يفنى وقته وجهده وصحته..تمر به الأيام والسنين ولا جديد يفعله فقط الذهاب للعمل والعودة من العمل ..وبعد أن كنا نعمل لنعيش أصبحنا نعيش لنعمل.
ودعونا نعطى مثالا حيا..رجل متزوج وفى الثلاثينيات من العمر.. يعمل من العاشرة صباحا الى العاشرة ليلا..ويهدر فى أحسن الظروف ساعة اضافية فى المواصلات..ولا ينام الا 9 ساعات فقط يوميا فما الذى يتبقى له من جملة ال 24 ساعة ...ساعتان فقط هم كل ما يملك، وعليه أن يفعل كل ما يفعله فى حياته -غير العمل طبعا - خلال هاتين الساعتين..أى أنه عليه أن يتواصل مع زوجته جسديا وروحيا + ويرعى أبنائه الصغار كى يشعروا أن لهم أبا على قيد الحياة + وأن يأكل+ وأن يمارس هواياته + وأن يصل رحمه ويزور أقاربه + وأن يقابل أصدقائه + وأن يؤدى فروضه الدينية وأن يتقرب الى الله بالنوافل + وأن يروح عن نفسه باللهو الحلال كمشاهدة التلفزيون أو مشاهدة البرامج والمسلسلات أو مباريات كرة القدم + وأن يتابع ما يحدث فى العالم من أخبار حتى لا يصبح بعد بضع سنوات أميا لا يعرف ما يجرى من حوله....كل هذا فى ساعتين فقط يوميا.ولا أريد أن اصف لكم كيف يكون الحال لو أنه مضطرا أن يقوم بمشوار ضرورى كأن يجدد رخصة سيارته أو بطاقة رقمه القومى..أو غير ذلك من الاجراءات التى تستهلك فى أحسن الظروف اسبوعا بالتمام والكمال بسبب عدم تعاون الموظفين مع المواطن فى استكمال اوراقه.
أما لو كنت تتسائل عن يوم الأجازة فهو موجود والحمد لله..لكن من يعمل 12 ساعة يوميا ستة أيام فى الاسبوع ..يصبح كل ما يفكر فيه فى يوم الأجازة هو النوم العميق والاسترخاء فى السرير..حتى أولئك الذين يؤجلون ما يرغبون فى فعله الى يوم الأجازة يكتشفون أن ما أجلوه كان كثير جدا لدرجة أنهم يصابون بالأحباط ليقينهم من أن يوم الاجازة لن يكفى على أى حال، وينتهى بهم الأمر بعدم فعل أى مما كانوا يخططون لفعله طوال الاسبوع.
والنيجة الحتمية لما سبق هو أن الانسان يشعر أن عمره يسرق منه وهو واقف مكتوف الأيدى لا يملك من أمر نفسه شىء..فلو ترك عمله: جاع..ولو بقى كما هو: عمره ضاع..لذا يشعر بحالة من الاستعباد وأنه ولد ليعمل لغيره وأن حياته وسيلة لسعادة الأخر الذى يعمل أقل ..أو ربما لا يعمل بالمرة.
الغريب أن هناك من لا يزال يسأل لماذا يقتل الأباء زوجاتهم وابنائهم فجأة..أنه رد فعل طبيعى لحياة طويلة من العبودية والأذلال..وقديما قالوا " الضغط يولد الانفجار"

السبت، 20 مارس 2010

مذيعتى المفضلة


رولا مصطفى خرسا ..إعلامية متميزة بكل معنى الكلمة ..هى مدرسة فى أدائها ، فهى ليست مِمَّن يعتمدن من المذيعات ومقدمات البرامج على " طلتهن" البراقة أو حلاوة صورهن على الشاشة ..فهي تفكر فى عملها وموضوعات برامجها أكثر مما تفكر فى تسريحة شعرها التى ستظهر بها أو الفستان الذى سترتديه. تُخاطب عقول الناس ومشاعرهم، لا غرائزهم ونقاط ضعفهم. تعلم أن ما يبقى من الإعلامى فى آخر المشوار هو قضاياه التى أثارها والمشكلات التى عرضها والحقائق التى كشفها، وليس كيف كان شكله أو ما الذى كان يرتديه.
ولـ "رولا" أسلوب خاص بها ..فهى لا تتصدى للضيف برفع الصوت أو الكلام الكثير والمقاطعة المتكررة والتى هى عادة مذيعات اليوم ..وأنما تتبع أسلوبا أقرب إلى المدرسة الكلاسيكية؛  فهى تُذكّرك للوهلة الأولى بمذيعات الرعيل الأول بالتلفزيون والإذاعة ممن كُنَّ يستفتحْنَ كلامهنَّ بالعبارة الشهيرة: "سيداتى..آنساتى ..سادتى..أهلا ومرحبا بكم فى برنامجكم  كذا"، غير أن الجديد والذى يجعل رولا هى رولا وليس شخصًا آخر أنها تتحدث وفقا لطبيعتها فالمذيعات في الماضي كن يتبعن هذه الطريقة كجزء من عملهن، لكن رولا تتحدث كما هى على الطبيعة ..حتى أنك قد تجدها تتحمس مثل طفلة صغيرة وهى تحاور ضيفًا ما وتُعبِّر عن سعادتها برأى قاله أو بفكرة عرضها قائلة: "اه.. دى حلوة قوى".. وهو أمرٌ غير معتاد فى المدرسة القديمة، حيث المذيعة جميلة أنيقة لكنها جامدة كالعروس الحلاوة، تتخير كلامها فلا تشعر أنك أمام إنسانة وانما روبوت لا يخطىء..إنَّ محاولة تقليد رولا بهذا الشكل تُعد عملية مستحيلة..فهى تُظهر كثير من نفسها ومشاعرها على الشاشة بشكل تلقائى ..تفرح ..تحزن..تتأثر وتبكى أحيانا..ولعل من تابع برنامجها المميز "القصة وما فيها" قد لاحظ ذلك بوضوح.
وعلى الرغم من أنها تجيد اللغتين " الفرنسية" و"الانجليزية" الا أننا لا نجدها الا وهى تتحدث العربية الفصيحة معظم الوقت، ولا تفعل مثل أخريات ممن يريدن أن يستعضن عن ضحالة ثقافتهن بترديد بعض الكلمات الأجنبية كى يخدعن المشاهدين ويظهرن رفيعات الثقافة. كما أنها تعتذر إذا ما خرجت منها كلمة اجنبية دون قصد، ولا يفعل ذلك إلا من يحترم ثقافته وتراثه وما أقلهم فى زمننا هذا.
تكتب رولا مقالا أسبوعيا فى جريدة المصرى اليوم (يوم الأربعاء)، وهى فى كتاباتها تعبر عن نفسها أيضا ..فرولا المقرؤة هى نفسها رولا المسموعة المرئية..تختار الموضوعات التى تهم الناس.. تعبر عما يدور داخلها ويؤثر فيها..تخرج آرائها لا كآراء النقاد الكبار أو المفكرين المتعمقين من أصحاب الدراسات المتخصصة، وإنما تكتب ما تراه هى وفقا لمعتقداتها وتربيتها ومشاعرها وإحساسها بالصواب والخطأ .
ولعلها تُربى أبنائها بنفس الطريقة..فهى تتبع غريزة الأمومة فيها..ومعيار الصواب والخطأ ..ومن يرى صورها مع أبنائها يشعر بمدى ما تمنحه تلك الانسانة  لأبنائها من حب وحنان ودفء..
اختم مقالى هذا بتجربة شخصية حدثت لى مع الاستاذة رولا خرسا أرى أنها خير دليل على نبلها واحترامها للأخرين مهما كانوا.
حين انهيت دراستى الجامعية كانت لدى رغبة فى أن أعمل بالصحافة..ولأننى أعرف أن عالم الاعلام والصحافة هو عالم كثير الأبواب لكنها أبواب لا تفتح الا من الداخل ..فلكى تنضم للمنظومة ينبغى أن يقدم لك يد العون شخص من أبنائها ..ولذلك كنت أرسل رسائل إلكترونية للعديد من الكتاب الكبار ممن يزينون ويذيلون اعمدتهم الصحافية ببريدهم الالكترونى أطلب منهم أن يرشدوننى الى الطريق ..لكننى لم اتلقى ردا من أحد وكنت كمن يصرخ فى البيداء..أو كما يقول الشاعر: "تُسْمِعُ إنْ ناديت حيًا**لكن لا حياة لمن تنادى". ومِنْ كثرة ما تعودت على التجاهل كنت لا أعبأ بمن يتجاهلنى ولا اتأثر بالمرة. حتى أرسلت رسالة الى الاستاذة رولا..وكنت اتوسم فيها الخير وحسن الخلق، فكنت متأكدا أنها سترد علىّ..لكنها لم تفعل، فكانت الصدمة علىّ شديدة ..ليس لأنها تجاهلتنى فلم تكن الأولى على أى حال وانما لأن فراستى خانتنى فيها ..فأرسلت لها رسالة غاضبة اقول فيها :
"يا أعدل الناس ألا فى معاملتى...... فيك الخصام وأنت الخصم والحكم
لا اعرف كيف اصف شعورى وأنا جالس منتظرًا ردك الذى لم يأت على رسالتى الأولى ..والمعنونة بـ "النجدة". لا أعرف..هل رد صغير المبنى، كبير المعنى، مما لا يضيق به قلمك أو وقتك، صعب الى هذه الدرجة؟! إن كان الأمر كذلك فاعذرى  أستاذتى جهلى ..وسامحيني.. واعدك ألا ازعجك ثانية بطلباتى التى لا يتسع لها وقتك أو..قلبك وعقلك والسلام".
فما كان منها الا أن ارسلت الى ردا قصيرا واعتذارا على التأخير تقول فيه:
"عفوا على تأخرى فى الرد ولكن تصلنى يوميا عشرات الطلبات المماثلة وليتنى استطيع مساعدة الجميع "
ولا يمكن أن أصف لكم حجم سعادتى بتلك الرسالة ..وكيف اثرت فىّ رغم أنها تحمل معنى عدم القدرة على المساعدة..لكننى تيقنت وقتها أن حدسى كان صحيحا وأنها ليس مثل الأخرين ممن يظهرون على الشاشات بوجه غير حقيقتهم...
ان رولا خرسا فى كلمات قليلة " مذيعة صادقة فى سماء الفضائيات المليئة بالكذب"..وهى بالنسبة لى "مذيعتى المفضلة".

الاثنين، 1 مارس 2010

المعاكسات.. وقانون التحرش الجديد


من المفروض عند تشريع قانون جديد ( خاصة لو كان قانونا عقابيا) أن يتم دراسة الجريمة موضوع القانون، حتى لا نجد انفسنا نوقع عقوبة أكبر أو اقل مما ارتكب من ذنب، وهو ما يؤدى فى النهاية اما الى شعور المذنب بالظلم ومن ثم عدم اقتناعه أنه مخطئ بل بانه ضحية، أو عدم شفاء غليل من تعرض للأذى من جانب المذنب وظهور القانون بصورة باهتة تجعل وجوده مثل عدمه.

ونحن نعرف ان أهم ما ينبغى ان يمتاز به القانون هو العدل..لهذا ينبغى عند وضع قانون ما أن لا نفرق بين أصحاب الحالات المتشابهة ، والا نساوى بين أصحاب الحالات المختلفة.

ولو حاولنا ان نطبق ما سبق على جريمة التحرش والمعاكسة سنجد أننا امام فعل خاطئ يقوم به طرف -هو الرجل فى الأغلب - فيؤذى به الطرف الأخر - هى المراة فى الأغلب - مما يستوجب العقاب .الا ان هذا الفعل ( المعاكسة أو التحرش ) ليس فعلا مدبرا وأراديا 100 % لأن الرجل لا يستيقظ فى الصباح وهو يخطط للتحرش والمعاكسة ، فالوضع هنا يختلف عن جريمة القتل مثلا..فليس من طبع الأنسان ( والطبع يخضع لهرمونات الانسان وجيناته والتى تؤثر على وظائف أعضائه) أن يقتل بل انه يفكر ويخطط ويدبر ، او على الأقل يضغط على نفسه ويتصرف ضد طبيعته حينما يقتل ..وهو ما يحدث عكسه عند معاكسة رجل لأمرأة أو التحرش بها ؛ حيث يواجه الانسان هرموناته ويصارعها ..فالفرق بين الرجل المتحضر والهمجى أنه رغم شعور كل منهما برغبة فى أن يسلك سلوكا جنسيا نحو الاناث ( المغازلة اللفظية - التحرش بالقول أو الفعل - الاغتصاب -...الخ ) الا ان الأول يستطيع أن يقاوم هرموناته بنسبة كبيرة بينما يفشل الأخر فى ذلك فيستسلم لشهوته كى تقوده.

ونجاح الرجل المتحضر ينبنى على مجموعة من العناصر المساعدة مثل :

1- كونه متزوجا أو لا..فالزواج يساعد على اشباع الرغبات وبالتالى يسهل على الرجل ان يصمد امام كل ما يثير هرموناته ويدفعه بمرور الوقت الى الضعف والتصرف بشهوانية.

2- طبيعة المحيط الذى يعيش فيه هذا الرجل هل هو مثير ومحفز على السلوك الجنسى أم انه ليس كذلك. والمحيط هنا يشمل سلوكيات الرجال والنساء من حوله..وملبسهم ..وطبيعة علاقاتهم ..الخ

3- سن الرجل ايضا له دور هام فى قدرته على هزيمة هرموناته ؛ فالصغير الشاب صاحب الهرمونات المتدفقة ليس كمن خبت شهوته..وشاخت خلاية جسده واضطربت وظائف اعضائه

 
وبعد كل هذا يبقى الحكم على من ارتكب جريمة المعاكسة او التحرش مرهونا بالوقائع الفردية لكل حالة ، فالمتزوج يستحق عقاب اكبر من الاعزب..و الواقع تحت عوامل الاغراء والغواية بشكل منتظم يستحق أقل ممن يعيش فى وسط لا توجد فيه كثير من تلك العوامل ، كم ان من قام بفعل او قول لا يخدش الحياء أو يؤذى المرأة المتعرضة له لا يتساوى مع من أذى المرأة ، او اخافها بقول او فعل..فالتعرض للأيذاء هو الفيصل فى مثل تلك الامور.

وفى النهاية لا يوجد رجل فى العالم متحضر بنسبة100 %، لأنه لا يوجد رجل استطاع ان يهزم هرموناته طوال الوقت..لهذا ليس مستغربا أن نجد كل الرجال وقد حدث وان غازلوا أمرأة ولو مرة فى العمر ..كما أن كل أمم الارض يغازل فيها الرجال النساء ..و طالما أن الرجل يعلم انه قد يضعف فى اى وقت و يغازل أمرأة فعلى الأقل عند شعوره أنه قد خسر معركته أمام هرموناته فليقم بالامر بصورة ظريفة وغير خادشة وهو أقل الضررين.

السبت، 20 فبراير 2010

سلوى حجازى..مذيعة من الزمن الجميل

اليوم 21 فبراير تحل علينا الذكرى 37 لوفاة المذيعة والشاعرة المصرية سلوى حجازى. وأنا أكتب الأن عنها تملؤنى مشاعر متداخلة من الفرحة والحزن والأعجاب .. فأنا لم أكن من متابعى برامجها ، فقد رحلت عن دنيانا قبل أن اولد انا ..الا أننى رأيت لها بعض اجزاء من تلك البرامج واصبحت من معجبيها.. فسلوى -رحمها الله - كانت قادرة على شد انتباه المتابعين لها من أول جملة تنطقها فاسلوبها الهادئ ، ولغتها الفصيحة ، ونبرتها الشاعرية تجعلك تشعر وكأن كل كلامها شعرا..وكل حواراتها قصائد.

"ولدت سلوى حجازي في مدينة القاهرة في 1 يناير 1933، وتخرجت من مدرسة الليسيه فرانسيه الفرنسية. وكانت من أوائل الخريجين في المعهد العالي للنقد الفني. كما صدر لها ديوان شعر بالفرنسية ترجم إلى العربية هو "ضوء وظلال" (بالفرنسية: Ombres et clarté) وكان الشاعر كامل الشناوي من كتب مقدمته. قدمت عددا من البرامج الشهيرة آنذاك منها "شريط تسجيل"، "العالم يغني"، "المجلة الفنية" و"عصافير الجنة" (برنامج للأطفال حاز شهرة واسعة)."(*)

وقد حصلت سلوى حجازى على جوائز عديدة رغم صغر سنها ، ولعل ابرزها تلك التى حصلت عليه فى الشعر عام 64 و65 من فرنسا..كما حصلت على وسام العمل من الدرجة الثانية من الرئيس الراحل محمد أنور السادات وذلك عقب وفاتها فى حادث الطائرة الليبية الشهير فى 21 فبراير عام 1973.

ولعل مقارنة صغيرة بين سلوى حجازى ومذيعات اليوم تعطينا فكرة جيدة عن عظمة هذة المذيعة ومدى ثقافتها فى مقابل ضحالة ثقافة نظيراتها اليوم وركاكة لغتهن وتكلفهن فى الاهتمام بمظهرهن أملا منهم فى أن يخفى جوانب القصور العديدة فى ادائهن الاعلامى.
رحم الله سلوى حجازى..تلك الذكرى الجميلة من زمن  - كلما نظرنا الى واقعنا - تحصرنا عليه.
----------------------------------------

(*) نقلا عن موسوعة ويكيبيديا 

الاثنين، 15 فبراير 2010

المواطنة فى مصر

يقول الفيلسوف اليونانى القديم " أرسطو " : ( أن تكون مواطنا.. أى أن تتحلى بصفتى الطاعة والامرة) أى أن تحكم (بفتح التاء) وأن تحكم (بضم التاء) فى نفس الوقت. لكن ما يحدث فى مصر هو نصف ما سبق ؛ فالمواطن هنا يحكم (بضم الياء) فقط ، فأنت تلتزم بواجباتك ومسؤولياتك كمواطن:  فتدفع الضرائب والتى تمثل المورد المالى الأول لمصر ( وذلك عكس ما يعتقد البعض من ان قناة السويس مثلا أو السياحة هما المصدر الأول ) كما أنك تؤدى الخدمة العسكرية..و تلتزم بالقانون فى معاملاتك وخصوماتك مع باقى المواطنين ..الخ. لكنك لا تشارك فى انتخابات نزيهة..وبتالى لا يصبح لصوتك قيمة كمواطن ولا تحكم.. كما أنك لا تعمل معاملة المواطن لا من رجال الشرطة ولا حتى من موظفى الحكومة..بل أن الأجنبى القادم من خارج الحدود له من الحقوق أكثر مما لك.
لهذا لا اتعجب حينما اقابل العديد من المتعلمين وخريجى الجامعات ممن لم يسمعوا عن شىء اسمه المواطنة..ولا يعرفون كنهها أو جدواها  ، ولا الومهم فنحن لا نهتم فى مناهجنا الدراسية باعداد ابنائنا ليكونوا مواطنى الغد :فلا ندرس الدستور فى مدارسنا كما تفعل الدول الديمقراطية ، ولا نسهل للراغبين فى ممارسة العمل السياسى أن يمارسوه اثناء فترة دراستهم الجامعية، أما حكومتنا الغراء فهى تستخدم المواطنة للدعاية للحزب الحاكم مع كل انتخابات ..بل أن الحزب الحاكم نفسه قد استخدمها مرة كشعار لأحد مؤتمراته التى تقام سنويا.أما على المستوى الشعبى أو الجماهيرى فكلمة المواطنة اما يحتفى بها لأسباب دينية ، أو يشن عليها هجوما ضاريا لنفس الاسباب ؛ فالمسيحيون والبهائيون يطالبون بتفعيل حقوق المواطنة وذلك بغرض الحصول على بعض الحقوق التى يشعرون أنهم محرومون منها فى بلدهم وأول هذه الحقوق ما يتعلق منها بالمسائل الدينية..أما المواطنة فى نظر المسلمين فهى  فى الأغلب منبوذة كما كانت الديمقراطية من قبل ..والسبب كونها قادمة من الغرب ، والمثل الشعبى يقول ( ما ياتى من الغرب ..لا يسر القلب) ، كما أن البعض يعتقد أن المواطنة كمبدأ انما يتعارض مع مفهوم الأمة الاسلامى ، لهذا أصبح نقد مفهوم المواطنة من قبل التيارات الدينية الاسلامية المختلفة أمرا اعتياديا، وقد حدث أن رأيت  أنا شخصيا  خطيبا  بأحد الزوايا التابعة للأخوان المسلمين  يتكلم عن المواطنة وحاول أن يعرفها لجموع المصلين يوم الجمعة..فقال : ( هل تعرفون ما المواطنة؟... أنها تعنى أن يختلط المسلم بغير المسلم ..حتى لا نعرف المسلم من غير المسلم ) واجتهد الخطيب فى تركيب عدد من النغمات الصوتية الموحية بالسوء وهو يقول هذا التعريف حتى يصل للمصلى البسيط أن المواطنة ما هى الا رجس من عمل الشيطان . وقد تذكرت لحظتها كيف استطاع مرشح لانتخابات البرلمان قبل الثورة أن يفوز على استاذ الجيل" أحمد بيه لطفى السيد " بأن اوهم الناخبين فى الدائرة ان كلمة الديمقراطية التى يرددها لطفى السيد ما هى الا الكفر والعياذ بالله..وأقول ما أشبه اليوم بالبارحة.
والحقيقة أن الأمل فى ان يصبح للمواطنة الحقة وجود فى مصر ضعيف جدا اذا ما بقى الحال على ما هو عليه..فالمنظومة السياسية فى مصر عليلة تحتاج الى علاج طويل ، فلا يمكن أن نتكلم عن حقوق المواطنة السياسية والاجتماعية والمدنية  فى ظل تعددية سياسية اسمية ، ونظام انتخابى غير نزيه ، ومجموعة من الأحزاب فقدت الأمل والهدف الوحيد الذى انشأت من أجله وهو الوصول الى سدة الحكم ، وشعبية مزيفة لحزب واحد يدخله الكثيرون بحثا عن مصالحهم الشخصية فقط..وسيتركوه قطعا اذا افترضنا أنه فقد السلطة فى يوم ما.
ان الحل يبدأ بتهيئة الظروف الصحية دستوريا وقانونيا للتغيير والتطوير ، على أن تكون النية للأصلاح متوفرة حتى لا نجد أنفسنا نفصل قوانين وبنود دستورية لأشخاص بعينهم ونبحث عن الشكل الديمقراطى أكثر من المضمون. وعندما ننجح فى صنع ذلك ستكون المواطنة هى النتيجة الطبيعية لهذه المنظومة الجديدة، بل أن المواطنة هى التى ستعطيها معناها.. يقول مارك توين : ان المواطنة هى التى تصنع  النظام الجمهوري ، أما النظم الملكية  فهى ليست فى حاجة اليها.

الثلاثاء، 2 فبراير 2010

الفيلم ده قصة ولا مناظر

حمى أفلام المناظر تجتاح الموسم السينمائى الشتوى فى مصر هذا العام..بدأت تلك الحمى بفيلم محمد أمام " البيه رومانسى " والذى قدمت فيه المطربة اللبنانية دومينيك حورانى تشكيلة متنوعة من الرقصات والحركات الجنسية والمشاهد السريرية..ثم كان الفيلم الثانى فى نفس السلسلة وهو فيلم "بالألوان الطبيعية" والذى امتلأ هو الأخر بالقبلات ومناظر الفتيات العاريات ممن يسترن القليل ويكشفن الكثير من أجسادهن..وما كدنا نلتقط انفاسنا حتى كبس علينا خالد يوسف بفيلمه الكوميدى "كلمنى شكرا" والذى اجتهدت فيه غادة عبد الرازق بالرقص وملابس النوم بالاضافة للكلام الخارج من نوعية "أنا قلبى ف النص التحتانى ..وحسبى عليه أحسن وقف"..وقد تعمد صناع الفيلم وضع هذه المناظر والكلمات الخادشة فى اعلان الفيلم الذى يدخل كل بيت..ثم جاء الفيلم الساخن جدا فى شكله ومضمونه "أحاسيس" والذى امتلأ بالفنانات المشهورات بعدم ممانعتهن عن اداء المشاهد السريرية والساخنة مثل "دنيا" و"ماريا" و"علا غانم" بالاضافة الى "مروة اللبنانية"  والتى اجتهدت فى أن تظهر الجزء الأكبر من صدرها الاصتناعى فى الفيلم.والفيلم هو التجربة الثانية لمخرجه هانى جرجس فوزى بعد ان نجح فيلمه الأول من نفس النوعية "بدون رقابة" .ثم جاء فيلم المخرج داود عبد السيد "رسايل بحر" ليكمل السلسلة من أفلام المناظر حيث ظهرت فيه بسمة وهى تبوس وتتأوه من النشوة كما خلعت ملابسها بغرض السباحة..وهو ما يجعلنا نضيف هذا الفيلم لقائمة أفلام المناظر.
الغريب أن هذه النوعية من الافلام قد أختفت من فترة ولم يكن لها أى ظهور حقيقى اللهم الا فيلم هنا و هناك كل بضعة سنوات حتى خرج علينا المخرج  خالد الحجر بفيلمه "قبلات مسروقة" والذى انتقد مؤلفه نفسه المخرج لأنه أفرط فى مشاهد القبلات بشكل حول الفيلم الى مادة لا تصلح لاستخدام المشاهد الشرقى..غير أن ما يحدث الأن من اصرار صناع الافلام على حشر مشاهد ساخنة فى الفيلم يترك علامة استفهام كبيرة خاصة وأن كمية الأفلام التى ظهرت تباعا فى فترة قصيرة (شهرى ديسمبر ويناير) فى هذا الموسم الشتوى لم تحدث من قبل فى تاريخ السينما المصرية ولا حتى زمن افلام المقاولات، بل ان اسر ياسين واحمد عزمى وهما فى مقتبل حياتهما الفنية قد قاما بتنفيذ كمية من القبلات أكثر مما قام به عماد حمدى وكمال الشناوى فى تاريخهما السينمائى كله ..
وأنا اكتب لكم هذا المقال أرى اعلانات فيلم "عايشين اللحظة" تذاع وهى مليئة أيضا بالالفاظ الخارجة والمحرجة والمشاهد الساخنة..والبقية تأتى.


السبت، 2 يناير 2010

الوهابية ..الفقه الصحراوى


فى مقال سابق عن الوهابية بعنوان "كن مسلما ولا تكن وهابيا" قلت فى خاتمته : "الخلاصة أنا اقولها صراحة أنا مسلم ولكننى لست وهابيا ..فليس من المعقول أن اعيش فى القرن الواحد والعشرين وأتبع فقها بدويا لايصلح الا لساكنى الخيام وراعاة الأبل والاغنام."..فاعتقد بعض الأخوة أننى انما اريد أن احط من شأن البدو أو رعاة الغنم وهو ما لم اقصده بالمرة ..وانما قصدت أن ابين حقيقة يعلمها اهل العلم عن طبيعة المذاهب الفقهية ، وهى انها تتأثر وتتغير بناء على عدد من العوامل المحيطة والتى يكون لها اليد العليا فى طبيعة الفقة الناتج امامنا.
وسأحاول هنا أن ابين بعض تلك العوامل كى يتأتى لنا أن نفهم لماذا لا يصلح الفقه الوهابى للدول والبيئات التى تتمتع بقدر من التحضر والمدنية..ولماذا نصف هذا الفقه بأنه بدوى ..أو صحراوى


  1. شخصية الفقيه: فلو كان كل الفقهاء مثل بعضهم البعض فى ثقافتهم و درجة علمهم وطريقة تفكيرهم والمناهج التى يتبعونها لكن لدينا فى النهاية فقها واحدا..فالتغير البسيط فى واحدة من تلك النقاط التى تشكل شخصية الفقيه تجعل فقهه ينحى منحا معين ؛فأبو حنيفة النعمان مثلا كان فى منهجه لا يقبل الحديث الضعيف فى بعض المسائل ويفضل أن يجتهد برأيه بينما يرى الأمام أحمد بن حنبل أن تقديم الحديث الضعيف على الأجتهاد أصح وأولى..وهو ما ولد فى النهاية اختلافات فقهية.






  2. أختلاف المكان والزمان: فما يقدمه الفقيه من رأى هو فى الحقيقة مرتبطا بشكل كبير بالمكان الذى أعطى فيه هذا الرأى..فالأمام الشافعى مثلا غير من فقهه حين ترك العراق وجاء الى مصر..كذلك فقد أثر المكان على الأمام مالك بن انس  كونه ساكنا بالمدينة قد جعله ذلك يضيف ما اجتمعت عليه اغلبية أهل المدينة من أفعال كدليل وحجة يحتج بها على صحة بعض المسائل وذلك لقرب عهده بالرسول صلى الله عليه وسلم..ولم يفعل غيره ذلك من الفقهاء خارج المدينة.. كذلك فأن التغير الزمان له نفس الأثر على تغير الفقه فما يراه الفقيه اليوم قد يرى غيره غدا ..فكيف اذا ما باعدت الفترة الزمنية ( قرون مثلا) بين فقيه وفقيه من نفس المذهب، فقطعا سيغير هذا من الفقه المنتج من كل منهما ..والسبب فى ذلك انما يرجع الى اختلاف المسائل الواردة على الفقيه وتنوعها باختلاف درجات تقدم وتطور هذا المجتمع ..فالمجتمعات الأكثر تطورا وحداثة تنتج - بالأضافة الى بعض المسائل الفقهية القديمة - مسائل جديدة تحتاج الى رأى فقهى جديد.






  3. أختلاف طبيعة المجتمع: فما هو مهين فى مجتمع ما قد يكون عاديا فى مجتمع أخر..وما هو معتاد فى مجتمع قد يكون جريمة رهيبة فى مجتمع أخر ..لهذا لابد وأن يكون الفقيه من اهل القطر الذى يفتى فيه أو على الأقل يكون قد عاش بين أهل هذا القطر عدد من السنين بما يضمن له أن يحكم على الأمور بحكم المجرب العارف الخبير وليس حكم من سمع السؤال فأجاب على العموم بما ورد اليه.





لهذا فنحن نصف الفقه  الوهابى بالصحراوى والبدوى لأنه نشأ وتكون  ببادية  نجد بالحجاز ..واعتمد على شيوخ ترجع أصولهم الى نفس المنطقة ..وما زاد عليهم من مسائل أخذوه من الكتب كما هو:  فنجدهم يحرمون التصوير الفوتغرافى أول ظهوره..ويحرمون الشطرنج نقلا عن الكتب التى قرأوها..ويصرون على النقاب ( الذى كان ضرورة أجتماعية فى المجتمع القبلى والذى ظهر الأسلام داخله أول الامر )  ويمنعون المرأة من قيادة السيارة . كما يظهر ضعفهم الفقهى امام المسائل التى لم يعتادوها لبعد تلك المنطقة - وقت تطور هذا الفقه - عن مظاهر التمدن والحضارة ( لا تليفونات -لا قطارات أو طائرات - لا وسائل مواصلات سوى الحيوانات ) وبالتالى كانوا يحرمون ما لا يجدون له مبررا فقهيا مقبولا عندهم ويعتمدون فى ذلك على قاعدة " الأخذ بالأحوط" حتى جعلوا  الدين  -كما قال الدكتور يوسف القرضاوى - مجموعة من الاحوطات وأخذوا يطبقون حديث " اترك ما يريبك الى ما لا يريبك " على معظم المسائل التى لا يجدون لا حلا..مما أرهق الناس ممن يعيشون فى مدن متحضرة اذا ما تبعوا مثل هذا الفقه الصحراوى .
لهذا فالقول الذى كنت أعنيه بأنى لن اتبع فقها لا يصلح الا لرعاة الغنم والبدو انما كنت اعنى به أن من لا يملكون سوى خبرة الصحراء لا ينبغى أن يفتون لمن يعيشون فى مجتمعات تتعقد فيها العلاقات والتفاعلات والأنشطة الاجتماعية بشكل يتخطى حيز الصحراء واعرافها وتقاليدها. وأننا لو التزمنا بتلك الرؤية فلن نجد من يخرج علينا مرددا فتاوى تحريم " مصافحة الرجال للنساء" وفتاوى تحريم قيادة المرأة للسيارة أو تحريم التصوير و الشطرنج ..او القول بفرضية النقاب.