السبت، 5 يونيو 2010

لماذا أنتحر هذا الشاب؟

أن ينتحر شاب فى مصر أمر ليس بالجديد..لكن الجديد حقا أن يفعل ذلك على كوبرى قصر النيل..على الملأ..أنها سابقة لا مثيل لها فى مصر ..كما أن لها من المعانى والدلالات ما لا يخفى على أى عقل مفكر. فعلماء النفس يقولون أن أكثر ما يشغل تفكير المنتحر هى صورته أمام الناس حين يعثرون على جثته ، لهذا يحرص معظم المنتحريين على أن يراهم الناس فى صورة طيبة بعد موتهم ..ولعل هذا ما جعل الكثيرين يشكون مثلا فى حادثة انتحار " مارلين مونرو" لأنها وجدت عارية فى سريرها. فلو طبقنا هذا الكلام على هذا الشاب المنتحر سنجد أنه تعمد أن ينتحر على الكوبرى بدلا من أن يفعل ذلك فى غرفته مثلا..أنه يريد أن يوجع ضمائرنا ..أن هذا المشهد المؤلم له وهو معلق على الكوبرى هو صرخة ألم ممتدة من هنا وحتى العالم الاخر..أنه  لم يترك رسالة لحبيبته فقط وأنما ترك رسالتين واحدة لها والأخرى لنا..أنه يريد أن يقول أنا الشاب المصرى الذى لا يملك نفقات الزواج ..أنا أموت لأن هناك مسؤولين فى هذا البلد يريدوننى أن أموت..لا عمل لائق ..رواتب هزيلة ..تعليم لا ينفع ولا يغنى من جوع.. أسعار تعلو كل يوم حتى ناطحت السحاب..وكرامة مهدرة فى كل لجنة أو طريق أو هيئة حكومية..
لماذا نطلب منه الأن أن يعيش ..ولماذا لا ننظر للموضوع الا من زاوية واحدة( أن الانتحار حرام) ..هذا شاب فى مقتبل حياته ازهق روحه بيده..لابد وأنه قد وصل الى أقصى مراتب اليأس..فلنحمد الله أنه لم يفجر نفسه فى سوق أو محطة مترو. فحين يضيع الأمل فى الحياة يصبح الموت هو الراحة الوحيدة ..اتذكر قول احدهم عن الانتحار
“To make yourself something less than you can be - that too is a form of suicide”
أى " أن تجعل نفسك أقل مما تستطيع أن تكون..هذا أيضا نوع من الانتحار" والحقيقة أن كل ما حول الانسان اليوم فى بلدنا يحط من شأنه ويسحقه معنويا.. لم يعد فى مقدرة الفرد اليوم أن يجعل نفسه فى المكانة التى يستحقها ولا حتى قريبا منها .. واصبحنا نرى أننا بلا قيمة كبشر ، حتى أن الكلمة الاكثر شيوعا فى مصر اليوم هى " أن البنى ادم  ارخص حاجة ف البلدى"و " كل حاجة بتغلى الا البنى ادم..بيرخص"
عرفتم لماذا انتحر هذا الشاب