الخميس، 14 فبراير 2013

الفلنتاين.. و أخطاء الفتوى

أصبح من الشائع أن تمتلئ صفحات الإنترنت و مواقع التواصل الإجتماعي بل وحتى جدران بعض الشوارع بصور وعبارات تَحُثّ المؤمنين على عدم الاحتفال بـ " الفالنتاين" أو ما نسميه نحن " عيد الحب" .و تُبرر ذلك بأنه - أى الإحتفال - يُخالف الشرع لأن المسلم ليس له إلا عيدين : الفطر والأضحى . وقد بدأت هذه الدعاوى من سنوات مضت كرفضٍ لكل جديد في أول الأمر ، ثم بدأت الخرافة الإجتماعية تضيف عليه بعض المُقَبِّلات كي يستسيغه الناس ويتوقفون عن الإحتفال بالفالنتاين ..فقالوا أنه مُحرَّمٌ لأن فيه تشبهًا باليهود والنصارى ، ثم قالوا أنه مُحرّمٌ لأنه يحثُّ على الرذيلةِ وأخيرًا اتضح أنه مؤامرة صهيونية ماسونية الغرض منها - كالعادة - تدمير الأمة الإسلامية المزدهرة وتحطيمها حضاريًا و أخلاقيًّا!!
لكن هذا كله لا يُعتبر شيئًا جديدًا أو يستحق التوقف عنده .. فقد أصبحت تلك أفكارنا وطريقتنا في التفكير منذ زمن بعيد ، وهي من صور تدهور العقل العربي وسقوطه . وازدهار نظرية المؤامرة بيننا أبلغ دليلٍ على تدهورنا الفكري و انحطاط أسلوبنا في التفكير . 
لكن ما يلفت النظر ، ويدعونا لوقفة تأمل هو صدور فتاوى من شيوخ مشاهير تُحرم عيد الحب استنادًا على آليات خاطئة للفُتْيَة . فنجد من يُحرم الفلنتاين لأنه عيدٌ غير شرعي .. والمسلم لا ينبغى أن يكون له غير عيدين يحتفل بهما ( الفطر والأضحى) . بينما من المعروف أنَّ احتفال الناس بعيد الحب لا تتم بوصفه عيدًا ( طقس ديني) بل تتم بوصفه مناسبةً اجتماعيةً لا أكثر .. لكن يبدو أن هؤلاء المشايخ قد تمسكوا بظاهر الترجمة العربية لكلمة ( Valentine's Day ) فظنوا أن "عيد الحب" عيدٌ فعلي ، وبناء على هذه الفتاوى يمكن تحريم كافة المناسبات الدينية و الوطنية والإجتماعية لمجرد أنها تبدأ بكلمة عيد ، كعيد تحرير سيناء و عيد الأم و عيد المعلم ...الخ . 
بينما الصحيح أن المسلمين كغيرهم من الناس لهم - بالاضافة لعِيدَيْهم - مناسبات دينية كالإحتفال بيوم عاشوراء ( لاحظ تسمية يوم الموجودة في كل من Valentine's Day و عاشوراء ) ، كذلك يوم المولد النبوي أو ليلة القدر ..الخ ، والتى لا يقول أحد بأنها أعياد .. بل مجرد مناسبات دينية . فهل خفي هذا الفرق الواضح بين العيد ( الشعيرة الدينية ) وبين المناسبة ( احتفال دنيوي) على مشايخنا الأفاضل . 
أما السبب الثانى للتحريم فيرجع إلى أن عيد الحب قد اُتُخِذَ مناسبةً لارتكاب المحرمات بين بعض الشباب ، وأنه مفسدة للنشء. 
والسؤال : هل نُحرم استخدام السكاكين لأن البعض يقتل بها .. أو نحرم تناول الدواء لأن في بعضه سُمًّا . ولماذا الخلط في الفتوى بين الإحتفال كمبدأ و بين طريقة الإحتفال . 
وأخيرًا تحريم عيد الحب لأن فيه تشبُّهًا باليهود والنصارى .
وكذلك ارتداء القميص ورابطة العنق ، واستخدام الإنترنت ، و ركوب المترو .. فهل تُحَرَّمُ الأشياء لمجرد أن غير المسلمين يقومون بها .. ألا يعلم مشايخنا أننا في عصر العولمة ، وأن جميع أمم الأرض فى يومنا هذا تتشارك الكثير من العادات والتقاليد في المأكل والملبس و أسلوب الحياة .. وأنَّ التحريم أو التحليل ينبغى أن يقوم عن مدى مخالفة تلك العادات والتقاليد للشرع من عدمه ،وليس لمجرد أن اليهودى أو المسيحى يمارسها مثل المسلم . 
أعتقد أن تجاهل تلك الأمور الواضحة أثناء الفتوى يحرم الأزواج المتحابين من استغلال مناسبة اجتماعية كهذه للاحتفال بحبهما .. ويُضَيِّق واسعًا .. ويُرسخ لفتاوى لا تأخذ إلا بظاهرالنصوص دون فهم لمقاصد الشريعة .