الخميس، 9 سبتمبر 2010

بين التاء المربوطة والهاء المربوطة


بدأ يحدث ما كنت أخشاه .. 
الحالة المتردية للتعليم المجانى فى مصر، الذى يرتاده السواد الأعظم من طلاب هذا البلد كانت تنذر منذ مدة ليست بالقصيرة بأن الأجيال الجديد سيكون أفرادها من أنصاف المتعلمين..أى أنصاف الجهلاء..وقد ظهر هذا جليا فى العديد من المجالات المتخصصة ثم بدأ يظهر أيضا فى المعارف العامة من تدنى فى مستوى اللغة الأجنبية ومبادئ الرياضيات والهندسة بشكل جعل الجهل شبه الكامل بجدول الضرب، أو عدم القدرة على كتابة كلمات بسيطة بلغة أجنبية، أو حتى عدم القدرة على التفرقة بين شكل المعين وشكل الشبه منحرف هى  القاعدة السائدة والإلمام بكل ذلك هو الاستثناء.
غير أن الطامة الكبرى قد بدأت تظهر مؤخرًا فى الجهل المطبق بالقواعد البسيطة  للغة العربية، حتى بات الشاب المتخرج حديثا من أى جامعة حكومية أو خاصة لا يمكنه كتابة سطر واحد دون أن يرتكب خطايا فى النحو والصرف والإملاء.. 
وما يُخجل فى هذا الأمر أنه قد بدأ يظهر على السطح ويشيع بشكل فاحش، فبعد أن التحق هولاء الخريجون بسوق العمل الإعلامى بدأت تنهال علينا إعلانات الصحف والقنوات التلفزيونية ومواقع الانترنت بحشد كبير من الإعلانات المكتظة بالأخطاء البشعة. وقد لاحظت أن أبرز تلك الأخطاء هو عدم قدرة من يكتب ما يظهر على الشاشة على التفرقة بين التاء المربوطة والهاء المربوطة، و بالرغم من أن كل منهما حرف مختلف: فهذه تاء وتلك هاء..إلا أن إخواننا "المتعلمين" يستعملون كل منهما كمرادفة للأخرى، يجوز في مذهبهم أن تحل محلها.. فلا تتعجب لو رأيت من يكتب كلمة " جنيه" هكذا " جنية" ليحولها الى معنًى آخر (عفريتة) أو من يكتب لفظ الجلالة "الله" بهذا الشكل " اللة". 
والحقيقة أن الفرق بين الحرفين يعرفه كل من حصل قدرًا معقولاً من التعليم السليم:
• التاء المربوطة :
هي التاء التي تلفظ هاءً عند الوقف وتاء عند الوصل . ولابد من وضع نقطتين فوقها .
مواضعها :
1- كل جمع تكسير لا ينتهي مفرده بتاء مفتوحة .
مثـل : هداة ومفردها هادِ
صيادلة ومفردها صيدلي
2- في أواخر الأعلام المفردة المؤنثة غير الثلاثية , وهذا علامة على أنها ممنوعة من الصرف .
مثل : خديجة , فاطمة , سميرة , صفية .
3- تأتي للتفرقة بين المذكر والمؤنث .
مثل : امرؤ امرأة
مدرس مدرسة
جميل جميلة
4- للمبالغة في المدح والذم وغالبًا ما تطلق للتذكير .
مثل : علامة , رحالة , دجالة .
5- في أواخر بعض الأعلام المذكرة .
مثل : حمزة , معاوية , طلحة , أسامة .
6- في آخر بعض الكلمات التي لا مذكر لها ؛ نحو : قرية , غرفة .
قال تعالى "واسأل القرية التي كنا فيها"
7- أن تكون عوضًا عن حرف محذوف .
مثل : ثقة , فأصلها وثق، فَحُذفت الواو وعوضت بالتاء ,
ومثلها : صلة ,جدة , صفة .
8- في آخر الجمع الذي وزنه فُعالة وفُعولة لتأكيد التأنيث نحو قول تعالى :
" كأنها جمالةٌ صفر "
أما حرف الهاء المربوطة فتعريفها كالتالى:
• الهـاء المربوطة :
هي التي تنطق عند الوقف والوصل هاء وليس عليها نقطتان , وتكتب ـه . مثال :
كتابه , قلمه , صديقه , فقه , فقيه , رأيناه , تعلمناه .
مواضعها :
1. هاء الضمير , و يكون ضمير للغائب فَ يتصل بالفعل والاسم والحرف . مثلًا
في الأفعال علمه الحق , وأفهمه المسألة .
و في الحرف , له , عنه , به , منه .
2. أن تكون الهاء من أصل الكلمة وجزءًا منها . مثل :
فقه , الفقيه , السفيه .
وما يغيظ حقا أنك عند التعليق على مثل تلك الأخطاء الشائعة تتهم بالتزمت والتشدد ويرى الآخرون أنك تأتى عند الأمور التافهة وتتوقف!! .. فمن المفروض أن ترى لوحة بخط كبير فى أى مول تجارى مكتوبا عليها "مطلوب فتيات ذو خبرة" ولا تعلق بشىء..أو ترى أخر يكتب "لم يستطيع" دون أن يحذف الياء التى قبل العين الساكنة.. ولا تحرك ساكنا ..الخ، والرد الجاهز لك أن "البلد كلها كده..!"
أننى أرثى على زمن كان الطلاب بالمرحلة الإعدادية فيه يدرسون مجلدين بعنوان المنتخب من أدب العرب، ويحفظون أشهر قصائد الشعر، ويلفظون الظاء والثاء والذال وهم يخرجون ألسنتهم للخارج، ويعرفون الفرق بين اللام الشمسية واللام القمرية، وبين  التاء المربوطة والهاء المربوطة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق