السبت، 2 يناير 2010

الوهابية ..الفقه الصحراوى


فى مقال سابق عن الوهابية بعنوان "كن مسلما ولا تكن وهابيا" قلت فى خاتمته : "الخلاصة أنا اقولها صراحة أنا مسلم ولكننى لست وهابيا ..فليس من المعقول أن اعيش فى القرن الواحد والعشرين وأتبع فقها بدويا لايصلح الا لساكنى الخيام وراعاة الأبل والاغنام."..فاعتقد بعض الأخوة أننى انما اريد أن احط من شأن البدو أو رعاة الغنم وهو ما لم اقصده بالمرة ..وانما قصدت أن ابين حقيقة يعلمها اهل العلم عن طبيعة المذاهب الفقهية ، وهى انها تتأثر وتتغير بناء على عدد من العوامل المحيطة والتى يكون لها اليد العليا فى طبيعة الفقة الناتج امامنا.
وسأحاول هنا أن ابين بعض تلك العوامل كى يتأتى لنا أن نفهم لماذا لا يصلح الفقه الوهابى للدول والبيئات التى تتمتع بقدر من التحضر والمدنية..ولماذا نصف هذا الفقه بأنه بدوى ..أو صحراوى


  1. شخصية الفقيه: فلو كان كل الفقهاء مثل بعضهم البعض فى ثقافتهم و درجة علمهم وطريقة تفكيرهم والمناهج التى يتبعونها لكن لدينا فى النهاية فقها واحدا..فالتغير البسيط فى واحدة من تلك النقاط التى تشكل شخصية الفقيه تجعل فقهه ينحى منحا معين ؛فأبو حنيفة النعمان مثلا كان فى منهجه لا يقبل الحديث الضعيف فى بعض المسائل ويفضل أن يجتهد برأيه بينما يرى الأمام أحمد بن حنبل أن تقديم الحديث الضعيف على الأجتهاد أصح وأولى..وهو ما ولد فى النهاية اختلافات فقهية.






  2. أختلاف المكان والزمان: فما يقدمه الفقيه من رأى هو فى الحقيقة مرتبطا بشكل كبير بالمكان الذى أعطى فيه هذا الرأى..فالأمام الشافعى مثلا غير من فقهه حين ترك العراق وجاء الى مصر..كذلك فقد أثر المكان على الأمام مالك بن انس  كونه ساكنا بالمدينة قد جعله ذلك يضيف ما اجتمعت عليه اغلبية أهل المدينة من أفعال كدليل وحجة يحتج بها على صحة بعض المسائل وذلك لقرب عهده بالرسول صلى الله عليه وسلم..ولم يفعل غيره ذلك من الفقهاء خارج المدينة.. كذلك فأن التغير الزمان له نفس الأثر على تغير الفقه فما يراه الفقيه اليوم قد يرى غيره غدا ..فكيف اذا ما باعدت الفترة الزمنية ( قرون مثلا) بين فقيه وفقيه من نفس المذهب، فقطعا سيغير هذا من الفقه المنتج من كل منهما ..والسبب فى ذلك انما يرجع الى اختلاف المسائل الواردة على الفقيه وتنوعها باختلاف درجات تقدم وتطور هذا المجتمع ..فالمجتمعات الأكثر تطورا وحداثة تنتج - بالأضافة الى بعض المسائل الفقهية القديمة - مسائل جديدة تحتاج الى رأى فقهى جديد.






  3. أختلاف طبيعة المجتمع: فما هو مهين فى مجتمع ما قد يكون عاديا فى مجتمع أخر..وما هو معتاد فى مجتمع قد يكون جريمة رهيبة فى مجتمع أخر ..لهذا لابد وأن يكون الفقيه من اهل القطر الذى يفتى فيه أو على الأقل يكون قد عاش بين أهل هذا القطر عدد من السنين بما يضمن له أن يحكم على الأمور بحكم المجرب العارف الخبير وليس حكم من سمع السؤال فأجاب على العموم بما ورد اليه.





لهذا فنحن نصف الفقه  الوهابى بالصحراوى والبدوى لأنه نشأ وتكون  ببادية  نجد بالحجاز ..واعتمد على شيوخ ترجع أصولهم الى نفس المنطقة ..وما زاد عليهم من مسائل أخذوه من الكتب كما هو:  فنجدهم يحرمون التصوير الفوتغرافى أول ظهوره..ويحرمون الشطرنج نقلا عن الكتب التى قرأوها..ويصرون على النقاب ( الذى كان ضرورة أجتماعية فى المجتمع القبلى والذى ظهر الأسلام داخله أول الامر )  ويمنعون المرأة من قيادة السيارة . كما يظهر ضعفهم الفقهى امام المسائل التى لم يعتادوها لبعد تلك المنطقة - وقت تطور هذا الفقه - عن مظاهر التمدن والحضارة ( لا تليفونات -لا قطارات أو طائرات - لا وسائل مواصلات سوى الحيوانات ) وبالتالى كانوا يحرمون ما لا يجدون له مبررا فقهيا مقبولا عندهم ويعتمدون فى ذلك على قاعدة " الأخذ بالأحوط" حتى جعلوا  الدين  -كما قال الدكتور يوسف القرضاوى - مجموعة من الاحوطات وأخذوا يطبقون حديث " اترك ما يريبك الى ما لا يريبك " على معظم المسائل التى لا يجدون لا حلا..مما أرهق الناس ممن يعيشون فى مدن متحضرة اذا ما تبعوا مثل هذا الفقه الصحراوى .
لهذا فالقول الذى كنت أعنيه بأنى لن اتبع فقها لا يصلح الا لرعاة الغنم والبدو انما كنت اعنى به أن من لا يملكون سوى خبرة الصحراء لا ينبغى أن يفتون لمن يعيشون فى مجتمعات تتعقد فيها العلاقات والتفاعلات والأنشطة الاجتماعية بشكل يتخطى حيز الصحراء واعرافها وتقاليدها. وأننا لو التزمنا بتلك الرؤية فلن نجد من يخرج علينا مرددا فتاوى تحريم " مصافحة الرجال للنساء" وفتاوى تحريم قيادة المرأة للسيارة أو تحريم التصوير و الشطرنج ..او القول بفرضية النقاب.






هناك تعليق واحد:

  1. سامي يوسف محمود علي21 أبريل 2010 في 4:52 م

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    المشكلة مش كد و بس دول بيقول كلام أسواء دول بيرفضوا كل الفكر الفلسفي و علم الكلام كمان و بيقولوا إنه ملهومش فايده إنا له و إنا إليه راجعون

    ردحذف